في مشهد يعيد إلى الأذهان كوابيس السبعينيات..تتصاعد المخاوف داخل الأوساط الاقتصادية والسياسية الأمريكية من عودة شبح الركود التضخمي، ذلك المزيج القاتل من نمو اقتصادي منخفض وتضخم مرتفع، والذي أطاح برؤساء سابقين وقد يكون هذه المرة السلاح الذي يُهدد رئاسة ترامب الثانية.
صحيفة بوليتيكو الأمريكية أثارت التساؤل الجريء:"هل يكون ترامب الرئيس الثالث الذي يسقط ضحية للركود التضخمي بعد فورد وكارتر؟
يبدو أن التاريخ يعيد نفسه ولكن بأسوأ سيناريو.. فبينما عانى فورد وكارتر وحتى ريغان من نتائج أزمة لم يصنعوها بأيديهم تشير الصحيفة إلى أن الوضع بالنسبة لترامب أكثر تعقيدًا بل وأكثر خطورة، فالرئيس ترامب هو من يصنع بنفسه أزمة اقتصادية قد تنفجر في وجهه.
سياسات الرسوم الجمركية الشاملة التي يفرضها ترامب على كلٍّ من الأعداء والحلفاء ليست فقط مغامرة بل قد تكون مقامرة خاسرة.
فبينما كان فورد وكارتر وريغان ضحايا لعوامل خارجية، مثل: أزمات الطاقة وتغيرات السوق العالمية، فإن ترامب بحسب التقرير يقف في موقع المتسبب لا الضحية.. وهو ما يعني أن الناخب الأمريكي هذه المرة لن يُسامح بسهولة.
فالقرارات الاقتصادية العشوائية بدءًا من الرسوم الجمركية مرورًا بتقليص الوظائف الحكومية ووصولًا إلى تقليص تمويل الصحة والعلوم، كلها تؤدي إلى رفع تكلفة الإنتاج وأسعار السلع على المستهلك العادي.
ومع تصاعد التضخم سيضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة؛ ما يؤدي إلى تباطؤ الاستثمار وتفاقم معدلات البطالة وتعطيل سلاسل التوريد وهو ما قد يفتح أبواب "الركود التضخمي" على مصراعيه.
ما يجعل المقارنة أكثر إثارة هو أن ترامب يبدو وكأنه لم يتعلّم شيئًا من دروس الماضي، فسبعينيات القرن الماضي شهدت انهيار الاستقرار الاقتصادي الذي أعقب الحرب العالمية الثانية بسبب خليط من القرارات الخاطئة والظروف العالمية؛ ما أطاح برئيسين (فورد وكارتر) وهدد ثالثًا وهو (ريغان).
لكن ترامب بحسب بوليتيكو يواصل المضي في طريقه متجاهلًا التحذيرات بل ومتباهيًا بفكرة أن فرض الرسوم الجمركية سياسة "ناجحة".
أما النتيجة فقد لا يكون ما ينتظر الأمريكيين مجرد أزمة اقتصادية بل جرحًا سياسيًّا عميقًا قد يُنهي طموحات ترامب السياسية ويلقي بظلاله على الحزب الجمهوري لعقود.