في الجنوب اللبناني لا تحلّق الطائرات الإسرائيلية دون هدف، فخلف كل غارة دقيقة، تقف خوارزميات باردة تعمل على مدار الساعة ترصد الوجوه، وتفك شيفرات الصوت، وتحوّل البيانات القديمة إلى ضربات قاتلة.
منذ العام 2007، بدأت إسرائيل ببناء أرشيف معلوماتي ضخم عن قيادات حزب الله جُمعت فيه الصور والبصمات الصوتية وحتى النشاطات الميدانية مستعينة بأدوات الذكاء الاصطناعي والدعم الاستخباراتي الأمريكي، حيث تحول الأرشيف إلى منصة متقدمة للاغتيالات، كما يوضح الدكتور خالد العزي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية في بيروت الذي يؤكد أن المسيّرات الإسرائيلية تتعرف على وجوه القادة من السماء وتلاحقهم، إذ تتحرك المسيّرات في سماء لبنان على مدار 24 ساعة ومن ثم تنفذ عمليات الاغتيال في ظل استخدام الذكاء الاصطناعي للرصد والتتبع.
يقول محللون إن الأرشيف الإسرائيلي يتطور بشكل كبير مع دخول حزب الله الحرب السورية، حيث انكشف جزء من هيكله العسكري، وباتت تل أبيب تتبع عناصره وتضعهم تحت المراقبة، إضافة إلى وجود عملاء في الداخل.
"ما يجري اليوم ليس مجرد ضربات، بل عمليات مبرمجة بناء على قاعدة بيانات ضخمة"، يقول المحلل السياسي شاكر داموني، مشيراً إلى اغتيال القيادي فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية كنقطة تحوّل صادمة، دفعت التنظيم للاعتراف بأن الاختراق وصل إلى الداخل.
وفي واحدة من أبرز رسائل الحرب الرقمية، نشرت إسرائيل صورة للقيادي حسن علي بدير وهو جالس داخل طائرة قرب قاسم سليماني، التُقطت قبل سنوات، لكن استخدامها بعد اغتياله لم يكن عبثياً بل إشارة واضحة إلى حجم الأرشيف، ودقة الرصد، واستمرارية التتبع.
