فرنسا.. الجمهورية التي لطالما راهنت على الحريات والانفتاح، تجد نفسها، اليوم، في مواجهة تهديد داخلي لا يشبه أي تهديد سابق.. تهديد يتخفَّى تحت شعارات الاندماج، وينمو بهدوء داخل المجتمع.. تهديد اسمه "تنظيم الإخوان المسلمين."
تقرير استخباراتي فرنسي، صريحٌ وصادم، يقرع ناقوس الخطر؛ "الإخوان ليسوا مجرد جماعة دينية بل هم مشروع سياسي عقائدي يسعى إلى إعادة تشكيل المجتمع الفرنسي من الداخل، وفق أيديولوجيا تعادي مبادئ الجمهورية".
من الأندية الرياضية إلى المساجد، ومن الجمعيات الثقافية إلى المؤسسات التعليمية.. تمددٌ منظم، وهادئ، لكنه عميق، هدفه النهائي بناء "دولة موازية" داخل الدولة، وتفكيك النسيج الوطني قطعةً تلو الأخرى.
وزير الداخلية الفرنسي وصف الجماعة بأنها "تهديد حقيقي للنسيج الوطني"، بينما يحذّر قادة الأجهزة الأمنية من "تنظيم سري، متخفٍ، يسعى إلى إعادة تشكيل المجتمع الفرنسي على مقاسه الخاص".
لهذا السبب، لم يعد الصمت خياراً.. الحكومة الفرنسية، بقيادة ماكرون، تعلن، اليوم، "الحرب الشاملة" على التنظيم، وتطلق خطة تطهير مؤسساتي لا تستثني أحداً.. خطة تستهدف التمويل، والخطاب، والكيانات، وحتى المظلّة القانونية التي كان التنظيم يحتمي بها.
منذ أغسطس 2021، تم تنفيذ أكثر من 10 آلاف عملية تفتيش، أُغلقت على اثرها 741 مؤسسة، وتم استرداد 12 مليون يورو من الأموال المشبوهة، لكن السلطات ترى أن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد.
التقرير يختتم بعبارة لا تحتمل التأويل.. "إذا لم تُرسل الدولة إشارات قوية وواضحة.. فإن من يعملون بصمت تحت السطح، سيعيدون تشكيل فرنسا بطريقتهم، لا بطريقتها".
الجمهورية الفرنسية في مفترق طرق، فإما أن تنتصر لقيمها الآن، أو تستيقظ، غداً، على دولة أُعيد تشكيلها ببطء، على يد تنظيم لا يعترف بها أصلاً.. والرسالة الفرنسية هذه المرة.. واضحة، وصارمة.