في توقيت سياسي بالغ الحساسية فجّرت زيارة المبعوث الأمريكي توم باراك إلى بيروت واحدة من أعقد قضايا لبنان وأكثرها حساسية وهي سلاح "حزب الله".
جاءت الزيارة في خضم تصعيد إقليمي محتدم وحملت معها رسالة واضحة إما نزع السلاح بالكامل أو مواجهة العزلة وربما الحرب.
و بحسب تسريبات إعلامية حصل عليها "إرم نيوز"، تضمنت الورقة الأمريكية مطالب بنزع كامل لسلاح الحزب في جميع الأراضي اللبنانية وليس فقط جنوب الليطاني كما كانت الحال سابقا.. في المقابل ألمحت واشنطن إلى أن التعاون مع هذه المطالب سيفتح باب الدعم المالي والاقتصادي الدولي، بينما قد يقود الرفض إلى تصعيد عسكري إسرائيلي كبير.
وبينما وصف باراك الرد اللبناني بأنه "إيجابي"، فإن الأجواء والتصريحات على الأرض تقول العكس.. فقد التزم "حزب الله" الصمت لأيام ثم عاد وخرج باستعراض مسلح وسط بيروت، تبعته تصريحات نارية من قياداته رفضاً لما وصفوه بـ"الورقة الاستسلامية".
أمين عام الحزب نعيم قاسم شدد أن التهديدات لن تجبرهم على ترك السلاح في وقت كانت فيه إسرائيل توسّع نطاق عملياتها في لبنان.
وفي الداخل برز انقسام واضح؛ فبينما انتقد رئيس الحكومة نواف سلام مشهد السلاح في قلب العاصمة، يبقى "حزب الله" محاصَراً بأزمة اقتصادية خانقة وعزلة سياسية مع تراجع دعم الحلفاء التقليديين، لكن من منظور الحزب فإن السلاح لم يعد مجرد خيار بل الضمانة الأخيرة للبقاء.
أما خارجياً فتحدي بيروت اليوم ليس فقط في سلاح الحزب بل في غياب القرار السيادي الموحد ما يجعل من الصعب على الدولة إقناع المجتمع الدولي بأنها شريك حقيقي في الاستقرار..
فبين انقسام داخلي عميق واستقطاب إقليمي حاد تجد الدولة اللبنانية نفسها أمام مفترق تاريخي: إما إعادة تشكيل العقد السياسي وتوحيد القرار والسلاح، أو الغرق في مزيد من العزلة والضغوط والصراعات الإقليمية التي لم تُحسم بعد.