بلهجةٍ حادة وبنبرة لا تخلو من التحدي، وجّه المرشد الإيراني علي خامنئي صفعة علنية إلى واشنطن، قالها صراحة أمام الملأ: "مَن أنتم لتقرروا إن كنا نمتلك التخصيب أم لا؟! هذا لا يعنيكم!".
هكذا، وفي الذكرى السنوية لوفاة الخميني، حوّل خامنئي المناسبة إلى منصة استعراض سياسي وعسكري، أطلق منها رسائل نارية، بعضها موجّه مباشرة إلى الإدارة الأمريكية، والبعض الآخر إلى إسرائيل، أما البقية فكانت مخصصة للداخل الإيراني، الذي يعيش على وقع العقوبات والضغوط والخنادق المفتوحة في أكثر من جبهة..
فما الذي قاله خامنئي تحديدًا؟ ولماذا جاء الخطاب بهذا التوقيت؟ وما الذي تريده إيران أن يفهمه العالم؟
يبدو أن المرشد الإيراني اختار أن يقطع الطريق على أي محاولة لإحياء اتفاق نووي لا يرضي طموح طهران، فالإشارة المباشرة إلى أن "تخصيب اليورانيوم" خط أحمر لا يقبل المساومة، تحمل في طياتها إصرارًا على أن إيران لن تدخل لعبة الابتزاز السياسي، حتى وإن تم تغليفها باتفاقات دبلوماسية.
قالها بوضوح: "امتلاكنا لمئة مفاعل بلا تخصيب لا ينفعنا، وبدون التخصيب، سنضطر إلى مد اليد لأمريكا، وهم سيضعون علينا الشروط، في ترجمة أخرى نحن من يقرر سقف التكنولوجيا، لا أنتم".
وفيما كان صدى التصريحات يدوّي، خرجت هيئة الأركان الإيرانية بتصريح استثنائي، القوات المسلحة جاهزة بالكامل، وعلى كافة المستويات، للرد على أي "خطأ استراتيجي" من "الأعداء".
رسالة مزدوجة: إلى الأمريكيين، بأن التصعيد سيُقابل بالتصعيد، وإلى الإسرائيليين، بأن أي خطوة غير محسوبة قد تفجّر المنطقة، لكن لماذا الآن؟
الجواب قد يكمن في تسريبات موقع "أكسيوس"، التي كشفت عن اقتراب موعد جولة سادسة من المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن.. جولة مرتقبة في نهاية هذا الأسبوع، بوساطة شرق أوسطية.
إيران أرادت أن تدخل الجولة وهي تمسك بالورقة الأقوى.. خطاب مرفق بالجاهزية العسكرية والتحدي السيادي، ليس فقط للمفاوضات، بل أيضًا لترسيخ مبدأ.. لا اتفاق من دون كرامة، ولا تنازل تحت التهديد.