logo
حلب.. من المستفيد ولماذا الآن؟
فيديو

معارك "الشمال السوري".. من المستفيد ولماذا الآن؟

في مشهد خلط الأوراق وغيّر خارطة المواجهات على الأرض، تطور ميداني هو الأبرز منذ سنوات في الحرب السورية، حلب خارج حدود سيطرة الحكومة، ورصاص يُسمع في المدينة لأول مرة منذ سنوات، وتحديدا منذ اتفاق خفض التصعيد هناك الذي جاء عام 2020 بوساطة تركية روسية.

مدينة الشمال السوري التي استغرقت عملية استعادتها سنوات، تخرج عن السيطرة في غضون ساعات، مشهد معقد طرح أسلئة لا تنتهي، فما هي السيناريوهات المحتملة؟ ولماذا حلب وفي هذا التوقيت؟ 

حلب.. من المستفيد ولماذا الآن؟

لم يتجاوز التعليق الأمريكي حول الأحداث الراهنة في حلب مساحة النفي من قبل واشنطن، التي أكدت بأن لا علاقة لها بما يحدث في الشمال السوري، في وقت يعزو فيه محللون ما يجري إلى ضوء أخضر أمريكي من بايدن الذي يحاول رفع وتيرة التصعيد قبل نهاية ولايته على أكثر من جبهة.
الموافقة الأمريكية على ما يجري وفق رواية البعض، دفعت بتركيا لغض النظر عما يجري في إدلب "المحافظة الحدودية مع حلب"، قبل أن تتحضر الجماعات المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام ( جبهة النصرة سابقا)، لشن عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "ردع العدوان"، أكثر ما يطرح الأسئلة فيها هو التوقيت، فلماذا الآن؟

يحمل السؤال أجوبة متعددة لكنها تصب في بحر التطورات الميدانية بعد وقف الحرب في لبنان أولا، بينما سياسيا، شهدت الشهور الماضية جمودا على مستوى الحل السياسي في سورية، بعد مقاربة سورية تركية ضلت طريقها، ولم تصل إلى الهدف المنشود، الذي حاول أردوغان وصوله أكثر من مرة عبر دعواته للقاء الرئيس الأسد بوساطة روسية، الأمر الذي دفع وفق مراقبين لضرورة تحريك الشمال السوري عسكريا عبر عملية تعيد ترتيب الأوراق السياسية كوسيلة ضغط على الحكومة السورية، وبما يتناسب مع مصلحة إسرائيل ومن قبلها الولايات المتحدة، اللتان تسعيان لتقويض النفوذ الإيراني في سورية، سيما في حلب التي تشهد تواجدا كبيرا للفصائل الإيرانية في البلاد، يصل عدد مواقعها إلى 82 موقعا ونقطة تتبع لإيران في حلب فقط، منها 58 موقعا إيرانيا و24 موقعا مشتركا مع حزب الله اللبناني.

وفي فوضى التحليلات التي تسابق الزمن لكشف المستور، فإن أصواتا تتحدث عن أن الفصائل المسلحة في الشمال السوري، بادرت بهجومها بعد تحضير دام سنوات داخل إدلب لعملية عسكرية واسعة، بعد أن اشتمت رائحة تقارب سوري تركي، قد يعلق مصيرها على الرف لسنوات قادمة، فاستبقت الأحداث عكسريا قبيل أي تطور سياسي.

إسرائيل تلعب على وتر "الأقليات" في سورية

وفي خضم ما يجري، تقف إسرائيل مراقبةً الوضع وعينها على الأقليات السورية كورقة جديدة تحمي مصالحها في المنطقة، وهو ما أكده كلام وزير الخارجية الإسرائيلي مؤخرا جدعون ساعر في حديثه عن حكومة فيدرالية في سورية.

إن "الأقليات" في سوريا يمكن أن يكونوا حلفاء طبيعيين لإسرائيل في المنطقة، وإن مستقبل سورية قد يكون "فيدراليا"، يقول مراقبون إن تصريحا كهذا قد يفتح بابا جديدا لفهم سياسة إسرائيل تجاه هذه الجماعات، فاللعب على ورقة الأقليات قد يمنح إسرائيل علاقات أقوى مع الأقليات المحلية لتأمين مصالحها الأمنية، سيما مع توسع النفوذ الإيراني مع حزب الله في سورية، وهو ما يعكس تحولا كبيرا في سياسة تل أبيب تجاه دمشق، بمعنى أن منح هذه الأقليات حكما ذاتيا، قد يكون الحل الأكثر توافقا مع مصالح إسرائيل، إذ يعزز هذا من فرص تحقيق استقرار في المناطق التي لا تخضع لسلطة الحكومة السورية. 

"فرصة" التنظيمات المسلحة للضرب بقوة

بعد شهور الحرب الطويلة على جبهة لبنان، فإن حزب الله وصل لمرحلة الاستنزاف عسكريا، ولعل استهداف قياداته وافتقادها لقائد قادر على اتخاذ قرار بخصوص التدخل في سوريا حاليا، كان أحد العوامل التي ساهمت بتقدم كبير للفصائل المسلحة وغياب الدعم من قبل حزب الله، الذي شارك الجيش السوري أعتى المعارك على امتداد سنوات الحرب، حيث يؤكد محللون بأن الانسحاب الحاصل من حلب كانت أهم عوامله عدم الجاهزية العسكرية لخوض معركة بهذا الحجم، فحزب الله أنهكته الحرب الإسرائيلية، والفصائل الإيرانية تلقت ضربات متتالية على مدى الشهور الماضية، وهي ليست مستعدة لحرب كهذه، على الأقل حاليا. 

في روسيا فإنه من الصعب الحديث عن استنزاف لبلد عسكري كهذا، لكن الحرب الروسية الأوكرانية التي تقترب من إنهاء عامها الثالث، قوضت، وفق مراقبين، الكثير من الدعم الروسي المتوقع وصوله لسوريا، سيما مع أرقام روسية أخيرة صادق فيها بوتين على ميزانية دفاعية غير مسبوقة لعام 2025 تخصص أكثر من ثلث إجمالي الإنفاق للدفاع الوطني، بما يعادل أكثر من 145 مليار دولار، بزيادة ضخمة مقارنة بالأعوام السابقة، ما يعني بأن الحرب الأوكرانية ستتصدر الدعم العسكري الروسي قبل أي جبهة أخرى.

هي مرحلة مفصلية في الحرب السورية، فما قبل هجوم حلب لن يكون كما بعده، فهل تفضي تطورات الميدان لحل سياسي ينهي أزيز الرصاص؟ أم أن سنوات الهدوء في الشمال السوري كانت استراحة ما بين الشوطين فقط؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC