"عندما تصبح الجغرافيا جزءًا من المعركة".. في خطوة تحمل دلالات سياسية واستراتيجية عميقة، اختارت حماس مدينتي رفح والنصيرات لتسليم دفعة جديدة من الرهائن الإسرائيليين.. فما هي الأسباب وراء هذا الاختيار؟ وكيف يمكن تفسير هذا القرار في ظل الظروف الحالية؟
أولًا، نبدأ من الرمزية التاريخية، إن رفح ليست مجرد مدينة، بل هي شاهد على مواقف وتطورات حاسمة في تاريخ حركة حماس.. هنا، تم أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006، وهنا أيضًا تمت صفقة التبادل الشهيرة.
الوجود العسكري الإسرائيلي في رفح كان أيضًا أحد العوامل الأساسية.. المدينة شهدت اجتياحًا إسرائيليًّا واسعًا في مايو 2024، ما يجعلها أرضًا تجسد الصمود الفلسطيني في مواجهة إسرائيل، وتسليم الرهائن من هنا يبعث برسالة: نحن هنا، نسيطر على الأرض، ولا نخشى التحديات.
أما السيطرة الميدانية، فاختيار رفح والنصيرات لتسليم الرهائن يعكس حقيقة ميدانية، حماس تواصل التمسك بهذه المناطق الاستراتيجية، ووجودها الفعّال فيها يعكس قدرتها على التأثير والتحكم في مجريات الأمور، سواء على الأرض أم في قاعات المفاوضات.
لكن التأثير لا يتوقف هنا.. النصيرات، التي شهدت في يونيو 2024 عملية دموية لتحرير الرهائن، تظل رمزًا من رموز النضال في قلب غزة، وتسليم الرهائن في هذا الموقع بعد هذه الأحداث يعد إعلانًا لقوة حماس وصلابتها في مناطق النزاع الأكثر سخونة.
المفاوضات المستقبلية قد تكون أيضًا على طاولة التفكير.. حماس من خلال هذه الخطوات تضع نقاط ضغط هامة في يدها، سواء مع إسرائيل أم المجتمع الدولي. هذه الأماكن لا تحمل فقط دلالات عسكرية، بل سياسية أيضًا، ما يتيح لها استخدام هذا الملف كأداة استراتيجية في المفاوضات القادمة.
التأثير الداخلي لا يمكن إغفاله.. تعزيز الروح الوطنية الفلسطينية ودعم الحركة في هذه الأوقات العصيبة هدف من خلال تفعيل هذه الأماكن في تسليم الرهائن.. رسالة هامة للشعب الفلسطيني أن حماس حاضرة.
أخيرًا، التسليم في مواقع حدودية مثل رفح والنصيرات يبعث برسالة واضحة: حماس قادرة على التنسيق والتحرك في مناطق حيوية بالقرب من الحدود، سواء مع إسرائيل أم مصر، ما يضيف بعدًا استراتيجيًّا لهذه العملية.