كمن ينبش في جرح قديم لا يزال ينزف.. فتحت نيابة ميلانو تحقيقا واسعا بمزاعم تورط إيطاليين فيما بات يُعرف بـ"سياحة القنص" خلال حصار سراييفو بين عامي 1992 و1996، أحد أكثر فصول حرب البلقان قسوة ووحشية.
الحصار الذي دام أربع سنوات وأسفر عن مقتل أكثر من عشرة آلاف مدني، يشكل شبحا يرهق الذاكرة الأوروبية، لكن الجديد اليوم هو وجود تحقيقات متعددة تتحدث عن مواطنين غربيين دفعوا الكثير من الأموال لقتل المدنيين كنوع من "المتعة"، وهو ما دفع الادعاء العام في ميلانو لقيادة ملف قضائي يعد "الأكثر حساسية" في إيطاليا.
الاتهامات التي يجرى التحقيق فيها تشير إلى أن مجموعة من الإيطاليين إلى جانب ألمان وفرنسيين وبريطانيين، كانوا يدفعون المال لجنود صرب البوسنة بهدف نقلهم إلى التلال المحيطة بسراييفو ليطلقوا النار على السكان. هناك كان هؤلاء يطلقون الرصاص على المدنيين بشكل عشوائي وكأنهم في "رحلة سفاري"، لتصبح رحلة الخروج من المنزل آنذاك أشبه بمغامرة قاتلة قد تنتهي برصاصة لا يُعرف مطلقها.
"الملف الدموي"، الذي نشرت عنه صحف إيطالية، ونقلته "الغارديان" البريطانية، لم يكن حديث اللحظة، إذ جاء للمرة الأولى في فيلم بعنوان "سفاري سراييفو (Sarajevo Safari)، يروي اعترافات صادمة عن جنود صرب يزعمون أن مجموعة من الأجانب من الدول الغربية اشترت موقعاً للقنّاصين لدى القوات الصربية البوسنية لإطلاق النار على المدنيين، بما في ذلك الأطفال.
ويتوقع أن تبدأ النيابة العامة في ميلانو استجواب عدد من الإيطاليين في وقت قريب جدا، وفي حال ثبوت التهم، سيواجه المتورطون تهمة القتل العمد بـ"دوافع دنيئة"، قتل دفع ثمنه أبرياء لم يعرفوا لماذا قُتلوا ومن أطلق رصاصة الموت عليهم.