بين خوفٍ متصاعد من التهديد الروسي وتراجع الثقة بالدرع الأمريكي.. تنطلق ألمانيا في أكبر إعادة تشكيل لجيشها منذ الحرب الباردة.. فالمستشار فريدريش ميرتس أعلن الهدف بلا مواربة "بناء أقوى جيش في أوروبا بحلول عام 2035 ومفتاح هذا التحوّل يبدأ من شرارة التجنيد الجديد".
القانون الجديد الذي أقرّته الحكومة يحمل تغييرات جذرية وفقاً لتقرير لشبكة سي إن إن فبعد سنوات من اعتماد الجيش الألماني على التطوع المحدود تخطّط برلين لرفع عدد القوات إلى 260 ألف جندي إضافة إلى 200 ألف احتياط، مع فتح باب التطوّع على نطاق غير مسبوق وإغراءات مالية قد تدفع الشباب لإعادة التفكير بمسار حياتهم وعلى رأسها رفع راتب المجندين إلى 2600 يورو شهرياً.
لكن الخطة لا تقف هنا.. ففي حال لم يتحقق العدد المطلوب ستلجأ الحكومة إلى الاستدعاء الإلزامي مع إلزام كل شاب يبلغ 18 عاماً اعتباراً من العام المقبل بالإجابة على استبيان حول استعداده للخدمة وإجراء فحوصات طبية إلزامية للرجال بدءاً من 2027.
شبكة سي إن إن تقول إن هذا التحول يأتي وسط تحذيرات غربية متصاعدة من أن روسيا قد تختبر قوة الناتو خلال أربع سنوات فقط و رئيس أركان الجيش الألماني نفسه حذّر من ضرورة الاستعداد لهجوم محتمل بحلول 2029.
ورغم أن الحكومة تؤكد أن الهدف هو ردع الحرب لا خوضها، إلا أن الداخل الألماني يغلي.. استطلاعات تكشف أن غالبية اليسار تعارض العودة إلى التجنيد بينما يسجّل الشباب ارتفاعاً في طلبات "رفض الخدمة" لأول مرة منذ تعليق التجنيد عام 2011.
ومع ذلك يرى محللون أن ألمانيا إذا نجحت في تنفيذ هذه الخطوة العملاقة ستتحول إلى عمود الأمن الأوروبي وربما اللاعب العسكري الأكثر تأثيراً في القارة.. لكنها أيضاً تغامر باصطدام مع مجتمع لا يزال يحمل ذاكرة تاريخية حساسة تجاه كل ما يرتبط بالقوة العسكرية.