استقالت المرأة الحديدية كما توصف في بنغلاديش، وغادرت قواعدها بصمت وعلى عجل، تاركة خلفها حكاية منافسة شرسة خاضتها مع امرأة صُنفت في المرتبة الـ33 ضمن قائمة النساء الأقوى في العالم، فباتت المنافسة بينها محور الحياة السياسية في بنغلاديش لأعوام وأعوام..
إنها الشيخة خالدة ضياء، زعيمة المعارضة والسبعينية التي لطالما سببت الأرق السياسي للشيخة حسينة.
هي أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في بنغلاديش، حكمت البلاد خلال حقبتين، الأولى بين عامي 1991 و 1996، والثانية بين عامي 2001 و 2006، ولعل القاسم المشترك بينها وبين الشيخة حسينة، هو أن الأولى استندت إلى إرث والدها السياسي، على حين عوّلت خالدة على إرث زوجها ضياء الرحمن الذي تزوجته عام 1960 عندما كان نقيبًا في الجيش الباكستاني، ليصبح رئيسًا لبنغلاديش عام 1977..
وبعد اغتياله قررت الأرملة دخول عالم السياسية، ووصلت إلى زعامة الحزب الوطني البنغالي الذي أُسس على يد زوجها، إذ قادت حزبها إلى النصر في انتخابات عام 1991، وبعد توليها السلطة عدلت الدستور، وأعطت السلطة التنفيذية لرئيس الوزراء
في عام 1996 تولت رئاسة الوزراء لولاية ثانية، ولكنها استقالت بعد شهر بسبب الإضرابات والاحتجاجات، لتدخل الشيخة حسينة إلى المشهد بقوة وتستلم منصب رئيسة الوزراء، ولكن خالدة لم تستسلم وعادت إلى انتخابات عام 2001 معززة موقفها بتحالف مكون من أربعة أحزاب معارضة، وفعلًا أصبحت رئيسة وزراء بنغلاديش للمرة الثالثة.
ولكن بعد انتهاء ولايتها وقفت لها الشيخة حسينة بالمرصاد، إذ دخلت السجن محملة بتهم فساد واختلاس أموال قيل إنها كانت مخصصة لجمعيات خيرية، ليُطلق سراحها في كفالة بعد عام، إلا أنها كانت تخضع للإقامة الجبرية بين مدة وأخرى مع كل احتجاجات تشهدها البلاد على يد المعارضة، وعادت إلى السجن عام 2018 حين حكم عليها بالسجن مدة 17 عامًا.
وها هي اليوم تعود إلى واجهة أحداث بلد اعتاد أن تكون بطلتا المشهد السياسي فيه هما الشيخة حسينة والشيخة خالدة ضياء التي أمر رئيس بنغلاديش محمد شهاب الدين بالإفراج عنها وعن الأشخاص الذين اعتقلوا خلال مظاهرات أطاحت بـ الشيخة حسينة صاحبة أطول مدة حكم في البلاد.