في غزة لم يبقَ سوى الصور التي تروي قصص الألم والقهر والجوع والكثير من الدمار الذي خلفته الحرب على مدى عامين.
مشاهد الأشخاص قبل الحرب وبعدها تكشف ما لا تُظهره الإحصاءات وحدها.. وجوه تغيرت وأجساد فقدت وزنها وأرواح تحمل أثقال الخوف والجوع.. الطفل مصعب البالغ من العمر 14 عاماً فقد 20 كيلوغراماً من وزنه بسبب سوء التغذية بعد أن اضطر للنزوح بضع مرات قبل أن يستقر في الزوايدة جنوب القطاع.. أما الطفل سراج ذو الـ10 أعوام فقدَ 10 كيلوغرامات بعد إصابته في الحرب وتنقله بين مدن غزة بحثاً عن الأمان.. وحتى مازن ذو ال 40 عاماً كان يعشق الرياضة وكمال الأجسام خسر 25 كيلوغراماً من جسده ومثلهم جميع أهالي القطاع المنكوب دون استثناء.
هذا الواقع المرعب الذي يلتهم أجساد الناس بسبب شُحّ المواد الغذائية وندرة الرعاية الصحية والمساعدات الإنسانية صار انعكاساً للحرب والمجاعة التي اجتاحت القطاع على مدى عامين.
في أغسطس 2025 أعلنت وكالات الأمم المتحدة أن المجاعة أصبحت واقعاً رسمياً في غزة مع أكثر من نصف مليون شخص يواجهون الجوع الكارثي ومن المتوقع أن يرتفع العدد قريباً إلى 640 ألفاً.. و 39% من السكان يعيشون أياماً كاملة دون طعام كافٍ فيما يعاني أكثر من 320 ألف طفل دون الخامسة من سوء تغذية حاد يتطلب علاجاً فورياً.
على هذه البقعة الجغرافية مأساة لا يُمكن للعقل استيعابها فالدمار يشمل كل شيء.. نحو 90% من القطاع مدمّر و 38 مستشفى تعطلت أو دُمّرت و95% من المدارس تضررت جزئياً أو كلياً وفقاً لبيانات المكتب الحكومي في غزة.. القصف لم يترك حياً إلا وطاله.. أكثر من 200 ألف طن من المتفجرات أُلقِيت على غزة منذ بداية الحرب أودت بحياة 76 ألفاً و639 شخصاً بينهم 9500 مفقود بينما أصيب 169 ألفاً و583 شخصاً بجروح منها آلاف حالات البتر والشلل.
ما زال القادم مجهولاً والآلاف من الأسر لا تعرف إن كانت ستبقى على قيد الحياة إن استمرت الحرب على هذه الأرض التي تتنفس الألم في كل لحظة؛ ما يستوجب صرخة عاجلة للعالم بأن الوقت ينفد لإنقاذ أرواح تعيش هنا وسط الجحيم قبل فوات الأوان.