لم يكتفِ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالإشادة بقرار شبكة ABC إيقاف برنامج جيمي كيميل، بل ذهب أبعد من ذلك ملوحًا بإمكانية معاقبة القنوات التي تنتقد سياساته وقراراته، وتقدم تغطية "سلبية" له، وصولاً إلى حرمانها من تراخيص البث.
تصريحات ترامب عكست بوضوح تصاعد التوتر بين البيت الأبيض ووسائل الإعلام، وفتحت بابًا جديدًا للجدل حول حدود حرية التعبير في الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن ترامب كان قد صرح أن تعليق برنامج كيميل لم يكن له علاقة بحرية التعبير، إلا أنه اعتبر القرار بمثابة "بشرى عظيمة لأمريكا"، ووصف كيميل بأنه "شخص يفتقر للموهبة" وأنه "طرد بسبب ضعف نسب المشاهدة"، مضيفًا أنه تفوه بـ "كلام مروع" بحق الناشط تشارلي كيرك.
غير أن هذا التبرير لم يخفِ حقيقة أن الضغوط جاءت بعد تهديدات مباشرة من رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية بريندان كار، الذي لوح بمراجعة التراخيص وفتح ملفات برامج أخرى، في خطوة أثارت مخاوف من اتساع دائرة الاستهداف.
ردود الفعل لم تتأخر.. حيث خرجت تظاهرات أمام استوديوهات ديزني في لوس أنجلوس، تندد بالرقابة وتطالب بعودة كيميل إلى الشاشة.
من جانبها وصفت نقابة الكتاب الأمريكية ما حدث بـ"العمل الجبان"، مؤكدة أن حرية الاختلاف والقدرة على إزعاج السلطة جزء لا يتجزأ من معنى أن تكون أمريكيًا حرًا.
شخصيات بارزة في هوليوود مثل ديفيد ليترمان ودامون ليندلوف انضموا إلى موجة الغضب، محذرين من أن الخضوع لإملاءات سياسية يهدد مستقبل الصناعة كلها.
وهاجم باراك أوباما ما وصفه بـ "النفاق السياسي الخطير"، مشيرًا إلى أن إدارة ترامب التي أمضت سنوات في انتقاد "ثقافة الإلغاء" باتت تمارسها الآن على أوسع نطاق باستخدام أدوات الدولة.
وبينما يخشى كثيرون من أن تتحول البرامج الساخرة، التي طالما كانت متنفسًا للنقد السياسي، إلى ضحية في حرب على حرية التعبير تقودها السلطة، يرى ترامب وحلفاؤه أن ما يحدث مجرد "تصحيح" لانحياز الإعلام.
هذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها ترامب وسائل الإعلام، ففي الشهر الماضي، لمح إلى إمكانية سحب التراخيص من قناتي NBC وABC، بحجة انحياز تغطياتهما.
ومع تصاعد التوتر، يبدو مستقبل حرية الإعلام في الولايات المتحدة أمام اختبار حقيقي، ومخاوف من أن يتحول الإعلام إلى صوت واحد.