logo
 إرث الصراع "الأمريكي الفنزويلي" يعود إلى الواجهة
فيديو

من تشافيز إلى مادورو.. إرث الصراع "الأمريكي الفنزويلي" يعود إلى الواجهة

أمريكا وفنزويلا.. عقود من التشنج وحقب زمنية من الشد والجذب، علاقات لم تعرف الهدوء لسنوات طويلة، وعقوبات متبادلة واتهامات بالتآمر والانقلابات تاريخيا، اليوم لا جديد في التوترات سوى التوقيت، رغم أن ذروة الخلاف بلغت أوجها هذه المرة، فإلى أين يتجه المشهد؟ وهل وصلت واشنطن وكاراكاس إلى نقطة اللاعودة؟ 

تاريخ القطيعة وجذور الخلاف

لم يربط الولايات المتحدة بفنزويلا التي تخفي كنوزا في باطن أرضها تاريخيا سوى علاقة النفط، في بلاد تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم بنسبة تقارب 18% من إجمالي الاحتياطيات العالمية، إذ اعتمدت واشنطن على النفط الفنزويلي لعقود، لكن التحول الجذري بدأ مع انتخاب هوغو تشافيز عام 1999 رئيسا، وإطلاقه مشروع "الثورة البوليفارية" الذي تبنى خطابا معاديا للهيمنة الأمريكية. 

أخبار ذات علاقة

ترامب ومادورو

حرب المخدرات تحتدم.. البيت الأبيض يرفض دعوة مادورو للحوار

في 2001، أقر تشافيز قوانين لتأميم قطاع النفط وأعاد النظر بكميات تصديره لأمريكا، فكانت الشرارة الأولى، وفي 2002، شهدت فنزويلا محاولة انقلابية أزاحت تشافيز ليومين فقط ثم عاد للحكم، قبل أن تشهد العلاقات أول اتهام مباشر لأمريكا بالوقوف خلف هذا الانقلاب الفاشل، ومع تنامي الخلافات وجمود العلاقات، طرد شافيز في عام 2008 السفير الأمريكي في فنزويلا باتريك دودي.

في عام 2013، تقلد نيكولاس مادورو مناصب الحكم وسار على نهج سلفه، تزامن هذا مع أزمة اقتصادية خانقة تفاقمت مع انهيار أسعار النفط في 2014، لتبدأ بعدها سلسلة العقوبات الأمريكية التي أطلقتها واشنطن عام 2015، ووسعتها عام 2017 لتشمل قطاع النفط الفنزويلي بالكامل، لكن ما جعل الصدع غير قابل للرأب، كان اعتراف أمريكا العلني عام 2019 بزعيم المعارضة خوان غوايدو "رئيسا مؤقتا"، فأغلقت فنزويلا على إثر هذا سفارتها بواشنطن وقطعت العلاقات الدبلوماسية، وتحولت العلاقة منذ ذلك الوقت لصراع مفتوح يشتد كل فترة، بينما باتت فنزويلا ساحة لاختبار النفوذ الأمريكي. 

مادورو يجهز 2.5 مليون جندي

مادورو يجهز 2.5 مليون جندي تجاوزت التوترات بين البلدين حاجز التصريحات، ووصلت لبوادر عسكرية خطيرة، لكنها وقبل عام تقريبا بدأت خطابيا، وذلك بعد انتخابات 28 يوليو/تموز 2024 التي أعلنت فوز نيكولاس مادورو، حينها أبدت واشنطن "قلقا بالغا" من نزاهتها، ثم أعادت تشديد العقوبات النفطية وقيدت التعاملات مع فنزويلا بقطاع الطاقة.

مؤخرا، أعلنت أمريكا استهدافها لقارب فنزويلي متهم بتهريب المخدرات، ما خلف عددا من القتلى التي وصفتهم أمريكا بالمهربين، وأثار جدلا قانونيا حول استخدام القوة خارج القانون في البحر، أما عن رد فنزويلا فأعلن مادورو عبر خطابه الذي دعا فيه ضمنيا للتعبئة العسكرية، أن 2.5 مليون جندي جاهز للدفاع عن فنزويلا ومؤكدا على حمل السلاح لكل قادر، فبلاده وفق وصفه، تتحضر لـ "عدوان شامل"، قبل أن يدفع بـ 15 ألف جندي إلى الحدود مع كولومبيا بذريعة مكافحة شبكات التهريب. 

التصعيد لم يتوقف هنا، فواشنطن التي يبدو بأنها تتجه للردع العسكري كصورة أولية، كانت قد أرسلت 8 سفن حربية إلى المنطقة، بينها 3 مدمرات صاروخية وغواصة تعمل بالطاقة النووية، فإلى ماذا يمكن أن يتحول هذا التصعيد الذي تتخلله استفزازات أمريكية؟ 

واشنطن وأمريكا اللاتينية.. نفوذ يتراجع وتحالفات مهددة

لم تعد واشنطن وحيدة في الساحة اللاتينية منذ سنوات، بل إنها فقدت الكثير من هيمنتها التقليدية هناك، وهذا ببساطة، يتمخض عن فتح فنزويلا أبوابها لقوى عالمية أخرى، فالصين مثلا قادت موجة استثمارات كبرى استحوذت فيها شركة COSCO الصينية على غالبية مشروع ميناء تشانكاي في بيرو الذي يعد نقطة استراتيجية في مبادرة الحزام والطريق، وضخت مليارات في مشاريع الطاقة والتعدين في مناجم ميرادور للنحاس في الإكوادور، إضافة إلى مشاريع الليثيوم في الأرجنتين ومصانع السيارات الكهربائية في المكسيك، أما في فنزويلا، فأصحبت الصين المصدَر الأكبر لواردات البلاد بنسبة وصلت إلى %34.6، وهي وفق تقرير رويترز الصادر عام 2025، أكبر مشترٍ للنفط الفنزويلي، حيث تحصل على نحو 503 آلاف برميل يوميا من النفط الخام الفنزويلي.

أما عن روسيا، عززت موسكو حضورها عبر صفقات تسليح ضخمة مع فنزويلا مؤخرا، شملت 24 مقاتلة سو-30MK2، ومنظومات S-300 للدفاع الجوي وغيرها، في شراكات أخرجت فنزويلا من عزلتها وجعلتها تعوض نقص استثمار واشنطن، ما خفف وطأة العقوبات الأمريكية. 

كل هذا يمثل تحديا لأمريكا بإعادة فرض وجودها في فنزويلا ودول أمريكا اللاتينية، إذ إن أي تصعيد قد يدفع مزيدا من دول القارة نحو أحضان بكين وموسكو. 

لا تبدو فنزويلا هادئة في الرد، بينما أمريكا دخلت مرحلة الاستهدافات العسكرية بحجة التهريب، صدّ وردّ، مما قد يفتح حربا شاملة تبدأ بالكاريبي وتنتهي في كاراكاس، فالكرة اليوم في ملعب البلدين، إما حوار يطفئ النار، أو صدام يشعل القارة اللاتينية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC