في خضمّ إحدى أعنف المواجهات الاقتصادية في التاريخ الحديث، تواجه روسيا حصارًا غربيًا غير مسبوق منذ اندلاع حربها مع أوكرانيا عام 2022.
ومع دخول العقوبات الأوروبية حيزها الثامن عشر، توسعت لتشمل الطاقة والمال والتجارة، في محاولة منهجية لشلّ قدرة موسكو على تمويل عملياتها العسكرية.
إلا أن روسيا، التي وُجهت إليها أكثر من 24 ألف عقوبة، لم تنهَر كما كان متوقعًا، بل نجحت في امتصاص الضغوط وتحويل الأزمة إلى فرصة لإعادة تشكيل اقتصادها.
الروبل، الذي ظن كثيرون أنه سينهار، عاد للانتعاش بقوة، مدفوعًا بإجراءات استراتيجية فرضت التعامل به في تجارة النفط والغاز مع "الدول غير الصديقة".
وفي مواجهة سقف الأسعار الذي فرضه الغرب على صادراتها النفطية، أظهرت موسكو مرونة لافتة، مدعومة بتحالفاتها في "أوبك بلس" وبنيتها الإنتاجية المحلية.
في المقابل، تدفع أوروبا الثمن من استقرارها الطاقي. دول كألمانيا وسلوفاكيا تواجه أزمات بنيوية أجبرتها على العودة لمصادر ملوثة كالفحم، فيما تتصاعد الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي حول جدوى العقوبات.
أما روسيا، فقد وسّعت انفتاحها على دول "الجنوب العالمي" وتكتلات كـ"البريكس"، معتمدة على عملات بديلة للدولار، ومفعّلة قطاعها العسكري كرافعة للنمو.
قد لا تكون موسكو خرجت منتصرة بشكل كامل، لكنها بالتأكيد لم تُكسر. وبينما تترنح أوروبا تحت وطأة تداعيات طاقية واقتصادية متزايدة، يبقى السؤال: من سيدفع الثمن الأكبر؟ وهل تتجه القارة إلى مواجهة مفتوحة تتجاوز الاقتصاد نحو الميدان؟