في لحظة تاريخية غير مسبوقة، يواجه حزب الله في لبنان تحدياً كبيراً بعد القرار الحكومي بسحب سلاحه وتكليف الجيش اللبناني بوضع خطة لتنفيذ هذا القرار.
خيارات ثلاثة قد يختارها الحزب في المرحلة المقبلة، وكل خيار يحمل تبعاته على لبنان والمنطقة.
أولاً: أمام حزب الله خيار صعب للغاية وهو الاعتراض على قرار الحكومة والمواجهة المسلحة مع الجيش اللبناني. هذا الخيار قد يؤدي إلى تصاعد الأوضاع بشكل خطير، وربما ينفلت الوضع إلى حرب أهلية. صحيح أن هذا السيناريو يبدو بعيداً بسبب العديد من العوامل الداخلية والإقليمية، إلا أنه يظل قائماً على الطاولة.
أما الخيار الثاني، فهو أن يواصل حزب الله عناده ويرفض تسليم سلاحه. هذا الخيار قد يفتح الطريق أمام تدخل إسرائيل في النزاع، وقد يؤدي إلى حرب مدمرة لا تقتصر على حزب الله وحده، بل تشمل البيئة الحاضنة له، وكل مراكز قوته السياسية والاجتماعية. هذه الحرب قد تجر لبنان إلى أبعاد جديدة من الدمار، فما الذي سيحدث إذا دخلت إسرائيل على الخط؟
أخيراً، الخيار الثالث هو التعاون مع الدولة وتسليم سلاحه، وبالتالي فتح صفحة جديدة ليصبح حزب الله حزباً سياسياً طبيعياً، كما ينص عليه الدستور اللبناني. ومع ذلك، هذا الخيار يبدو مستبعداً حتى الآنّ لأن حزب الله يتبنى أيديولوجية عقائدية ترفض الهزيمة أو التسليم بالأمر الواقع. قد يكون من الصعب عليه تغيير معادلة الصراع في لبنان بهذه السهولة.
من جهة أخرى، يدرك حزب الله أن هذا القرار ليس محلياً فقط. إيران، التي تدعم الحزب بشكل غير مشروط، قد تسعى لإبقائه في المواجهة مع الدولة اللبنانية. تصريحات المسؤولين الإيرانيين الأخيرة تدل على أن إيران ترى في حزب الله جزءاً من مشروعها الإقليمي، ولن تقبل بتقليص سلطته.
مختصون في الشأن اللبناني يرون أنه من مسؤولية الحزب أن يسلم سلاحه للجيش الوطني، وهذا سيجلب للبنان السلام والاستقرار الذي يحتاجه. ولكن إذا استمر في رفض هذا الخيار، قد يفتح الباب لمزيد من التدخلات الخارجية، وخاصة من إسرائيل.
إذاً، لبنان يقف على مفترق طرق. الخيارات التي أمام حزب الله قد تغير مسار التاريخ اللبناني. هل سيذهب إلى المواجهة المسلحة ويخاطر بحرب أهلية جديدة؟ أم يختار التعاون مع الدولة ليحافظ على السلم الأهلي؟ أو ربما سيظل يراهن على دعم إيران ويرفض التنازل؟ في أي من هذه السيناريوهات سيستمر لبنان في دفع الثمن؟ الإجابة في الأيام المقبلة قد تكون حاسمة.