الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض طائرتين مسيّرتيْن تم إطلاقهما من اليمن
قبل خمسة أيام فقط من اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر، وصل الشاب الفلسطيني عبد الرحمن المصري (18) عاماً إلى الأردن قادماً من غزة، حاملاً دعاء والديه بالشفاء في زراعة النخاع الشوكي، ليكون مركز الحسين للسرطان المكان الملائم لحالة عبد الرحمن حيث البرتوكول العلاجي مشابه لمرضى السرطان ويحتاج عناية مستمرة.
لم يكن يعلم عبد الرحمن، عندما بدأ العلاج في هذا المركز، أن الطريق إلى الشفاء سيصاحبه تحدي النجاح في الثانوية العامة، فقرر بعزيمة وإصرار أن يكمل الدراسة من المستشفى الذي وفر له المعلمين والمنصات التعليمية والرعاية اللازمة، ليحقق المراد بحصله على معدل (87.7) في الفرع الأدبي.
يقول عبد الرحمن لـ إرم نيوز: تبرعت لي شقيقتي بأغلى ما لديها فتطابق دمي مع دمها لزراعة النخاع الشوكي، ووفاء لها ولوالديَ وإخوتي وكل أهلي في فلسطين، سوف أدرس القانون، فلدي حلم بأن أصبح محامياً عن قضايا أبناء شعبنا على طريق نيل الحرية بعد الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال في مدينتي غزة.
لقد كان عبد الرحمن وعلى سرير الشفاء، يمضي بجلسات العلاج لكنه لم يتوقف عن مراجعة دروسه، رغم الألم والظروف القاسية، فكان يكتب الملاحظات بيد واثقة، ويستعد للامتحانات بقوة، وبينما كان جسده يتلقى العلاج، كان عقله لا يزال يقاتل من أجل أن يبقى على تواصل مع الحياة ومع الأمل، ومع حلمه الذي بدأ يتشكل بوعي لافت.
وبعد تلقيه خبر النجاح يقول عبد الرحمن: "كنت في غرفة المستشفى بعيدًا عن أمي وأبي، لكن حلمي ظل معي، يدفعني للاستمرار، وكانت فرحة لا توصف رغم البعد عن الأهل ورغم الجراح في غزة"، وقد تلقى التهاني من والديه وإخوته عبر مكالمات الفيديو عن بعد.
الدكتور عاصم منصور مدير مركز الحسين للسرطان يقول لـ إرم نيوز: "أنا فخور بعبد الرحمن، فقد أظهر لنا جميعاً أن الإرادة لا تنكسر، حتى في أكثر اللحظات صعوبة، وما فعله عبد الرحمن هو درس لنا جميعًا حول معنى الأمل".
ويضيف الدكتور منصور وهو مؤلف كتاب "عندما تخون الخلايا: السرطان من المسافة صفر" إن ما فعله عبد الرحمن درس لنا جميعًا، فقد واجه المرض بشجاعة ولم يتخلَّ عن حلمه، ونحن بدورنا لا نعالج مرضى فقط، بل نرعى أحلامهم أيضًا، وعبد الرحمن دليل حي على أن الرعاية الطبية لا تنفصل عن الدعم الإنساني، وقد وفرنا الواجب لعبد الرحمن من رعاية طبية ونفسية واجتماعية وتعليمية من أجل تحقيق حلمه.
هي قصة العزيمة، وأن لا يأس مع الحياة، وفي مستشفى يتداخل فيه الألم مع الأمل، ولد حلم جديد، لا يعرف الحدود، ولا يعترف بالظروف القاسية، فكانت قصة عبد الرحمن الغزاوي مثالًا حياً على قوة الإنسان في مواجهة الظروف القاسية، وعلى العزيمة التي لا تتوقف أمام الأوجاع.