في قلب العلاقة الشائكة بين بيروت ودمشق، يطل ملف "سجن رومية" كقنبلة موقوتة تحمل في طياتها ما هو أبعد من قضية سجناء، لتتحول إلى ورقة ضغط سياسية وأمنية تهدد مستقبل العلاقة بين البلدين.
مصادر سورية مطلعة تكشف أن دمشق ترى في مماطلة بيروت بالإفراج عن الموقوفين السوريين جزءًا من لعبة داخلية يتصدرها حزب الله الذي -بحسب تلك المصادر- يسعى لتوظيف الملف لتحسين علاقته مع النظام السوري. غير أن دمشق ترفض أي تقارب مباشر مع الحزب، خشية الغضب الشعبي السوري وحرصًا على علاقاتها الخارجية.
وبينما تستعد دمشق لإرسال وفد وزاري موسع إلى لبنان، يبدو أن جولة التفاوض المقبلة قد تكون حاسمة: إما التوصل إلى اتفاق يفتح صفحة جديدة، وإما الدخول في مرحلة غير مسبوقة من التصعيد. فالمطلب السوري واضح: استرداد جميع الموقوفين بلا شروط، في حين تصر بيروت على غطاء قانوني يضمن عدم خرق القوانين المحلية.
الأرقام تكشف حجم المأزق: أكثر من ألفي موقوف سوري في السجون اللبنانية، بينهم 800 متهمون بقضايا أمنية مرتبطة بالإرهاب. لبنان يؤكد استعداده للتعاون، لكنه يصطدم بعقبات قانونية معقدة. وفي المقابل، تهدد دمشق باستخدام أوراق ضغط مؤلمة: من إغلاق المعابر البرية إلى تقييد حركة الشاحنات اللبنانية.
هكذا يتجاوز ملف رومية كونه قضية سجناء، ليصبح اختبارًا دقيقًا لمستقبل العلاقة بين دمشق وبيروت. لكن السؤال الأهم يبقى: هل يقود هذا الملف إلى تسوية تنقذ العلاقات، أم إلى مواجهة تفتح أبواب أزمة إقليمية جديدة؟