يشهد المشهد الكروي الإسباني توترا متزايدا بين قطبي الكرة، ريال مدريد وبرشلونة، لا يقتصر على المنافسة داخل الملعب فحسب، بل يمتد إلى حرب إعلامية تشتعل خارج الخطوط.
بينما يستخدم ريال مدريد قناته التلفزيونية الرسمية كمنصة قوية ومؤثرة للتعبير عن آرائه، والدفاع عن مصالحه، ومهاجمة خصومه، يظهر برشلونة تحفظا واضحا، ويرفض استخدام السلاح نفسه بالقوة ذاتها.
هذا التباين يثير تساؤلًا مهمًا: لماذا لا يستخدم برشلونة قناته بطريقة ريال مدريد للتأثير على صناع القرارات؟
1. "أكبر من مجرد نادٍ": فلسفة برشلونة
يتمسك برشلونة بشعار "أكثر من مجرد نادٍ" (Més que un club)، وهي فلسفة تفرض عليه قيودًا أخلاقية وسياسية تمنعه من الانخراط في "الحروب الإعلامية" بالطريقة التي يفعلها ريال مدريد.
ينظر النادي الكتالوني إلى نفسه على أنه ممثل للهوية والثقافة الكتالونية، وأن دوره يتجاوز مجرد الفوز بالمباريات.
واستخدام القناة الرسمية لمهاجمة الحكام أو المنافسين بشكل مباشر قد يتعارض مع هذه الفلسفة، ويصوّر النادي في صورة "الباكي" أو "الضحية"، وهو ما لا يتناسب مع الصورة التي يريد النادي أن يظهر بها.
2. الخوف من العقوبات والعناد التحكيمي
يخشى برشلونة من أن استخدام قناته لمهاجمة الحكام أو اللجان التحكيمية قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
على الرغم من أن ريال مدريد قد نجح في بعض الأحيان في تحقيق مكاسب من خلال الضغط الإعلامي، إلا أن هناك مخاطرة حقيقية في أن يؤدي ذلك إلى "عناد" من الحكام أو فرض عقوبات على النادي.
3. الشعبية والإعلام الإسباني
يتمتع ريال مدريد بشعبية أكبر في الوسط الإعلامي الإسباني، وهو ما يمنحه مساحة أوسع للتأثير، بينما يُنظر إلى برشلونة في أحيان كثيرة كـ"نادٍ انفصالي" أو "غريب"، وهذا يجعله عرضة لانتقادات أشد إذا ما استخدم الأساليب التي يستخدمها ريال مدريد.
بعبارة أخرى، قد يُنظر إلى بكائيات ريال مدريد على أنها "دفاع عن مصالح الكرة الإسبانية"، بينما قد يُنظر إلى بكائيات برشلونة على أنها "عداء للكرة الإسبانية".
4. تضارب المصالح في اللجان التحكيمية
يعزز من قلق برشلونة التغييرات الأخيرة التي طرأت على لجنة الحكام في إسبانيا، والتي تضمنت تعيين أشخاص لهم صلات واضحة بريال مدريد.
من هذه التعيينات، تشيما ألونسو، الذي اشتهر بكونه مشجعًا لريال مدريد، وسوتو، رئيس اللجنة الذي كان شريكًا في شركة تعاقدت مع ريال مدريد سابقًا.
بالإضافة إلى ذلك، لا تزال يولاندا بارغا، زوجة أحد موظفي ريال مدريد، تشغل منصبها كرئيسة تحكيم الدوري النسائي.
هذه التعيينات تثير الشكوك حول حيادية اللجنة، وتضع برشلونة في موقف حرج، هل يهاجم اللجنة بشكل مباشر ويجازف بالعقوبات، أم يلتزم الصمت ويقبل بالأمر الواقع؟
في النهاية، يجد برشلونة نفسه أمام خيارات محدودة، استخدام أساليب ريال مدريد قد يتعارض مع مبادئه، وقد يؤدي إلى نتائج عكسية. في الوقت نفسه، التزام الصمت قد يفسر على أنه ضعف أو قبول للوضع الراهن.
