في عالم كرة القدم، حيث تُحرّك الأموال والمصالح بقدر ما تُحرّك الموهبة والشغف، تبرز قصة مفاوضات النادي الأهلي السعودي مع ريال مدريد لضم النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور كنموذج صارخ لحرب العقول والتكتيكات خارج الملعب.
فجأة ودون مقدمات، تصدرت الصحف أخبار عرض تاريخي من "الراقي" بقيمة 300 مليون يورو، وهو رقم كفيل بتحطيم كل الأرقام القياسية في سوق الانتقالات.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: هل هذا العرض حلم يقترب من التحقيق لجماهير الأهلي السعودي، أم أنه مجرد طُعم متقن الصنع في لعبة شطرنج معقدة يديرها "الثعلب" فلورنتينو بيريز، رئيس ريال مدريد؟
كواليس الخلاف في مدريد
لفهم الصورة كاملة، يجب ألا نكتفي بالنظر إلى ضخامة العرض السعودي، بل ينبغي التعمق في كواليس العلاقة بين فينيسيوس وإدارة ناديه.
يمتد عقد النجم البرازيلي الحالي حتى صيف 2027، إلا أن مفاوضات التجديد بين الطرفين وصلت مؤخراً إلى طريق مسدود. ويشير الخلاف، بحسب التقارير، إلى أنه مالي بحت؛ حيث يطالب فينيسيوس ووكيله براتب سنوي يناهز 25 مليون يورو بالإضافة إلى مكافأة توقيع، بينما يقف عرض بيريز عند حدود 22 مليون يورو مع بعض المكافآت المتعلقة بالأداء.
ورقة الضغط السعودية
هنا يظهر عبقري المفاوضات فلورنتينو بيريز، الرجل الذي بنى إمبراطورية "الغلاكتيكوس" مرتين، ويدرك تماماً كيفية استخدام كل ورقة لصالحه. فتسريب أخبار المفاوضات مع الأهلي السعودي بهذا التوقيت بالذات لا يبدو مصادفة بريئة، بل أشبه برسالة مباشرة وقوية موجهة إلى فينيسيوس ومعسكره: "البديل موجود، والسوق يرحب بك بأذرع مفتوحة وأموال طائلة".
يستخدم بيريز "الطُعم السعودي" ليضع اللاعب أمام خيارين لا ثالث لهما: إما القبول بشروط ريال مدريد لتجديد العقد، مدركاً أن النادي ليس في حاجة ماسة إليه للخضوع لكل مطالبه، أو مواجهة إمكانية حقيقية للانتقال إلى الدوري السعودي حتى وإن كان براتب خيالي. وبهذه الطريقة، يحول بيريز ضغط المفاوضات من النادي عليه إلى اللاعب نفسه.
بيريز.. الرابح في كل الأحوال
بالنسبة لريال مدريد، الوضع مربح في كلتا الحالتين. فإذا رضخ فينيسيوس وجدد عقده بالشروط التي يراها النادي مناسبة، يكون بيريز قد نجح في الحفاظ على أحد أهم نجومه دون المساس بالهيكل الصارم للرواتب. أما إذا أصر اللاعب على مطالبه، فإن بيعه بمبلغ 300 مليون يورو لن يكون مجرد صفقة قياسية، بل سيمثل ضربة اقتصادية ورياضية هائلة، تمكّن النادي من تمويل صفقات ضخمة مستقبلية لسنوات قادمة.
@eremsports تكهنات بارتباط فينيسيوس وفونسيكا بعد ظهورهما معا على اليخت #SportsonTikTok
♬ original sound - إرم سبورت - Erem Sports
في النهاية، يبدو أن الأهلي السعودي، رغم طموحاته وقدرته المالية الهائلة، أصبح دون قصد لاعباً محورياً في استراتيجية تفاوضية مدروسة. قد يكون حلم ضم فينيسيوس مشروعاً قائمًا على رغبة حقيقية، لكن المؤشرات الحالية ترجح كفة كونه "طُعماً" مثالياً يستخدمه بيريز ببراعة لـ"لي ذراع" نجمه البرازيلي.
فهل يبتلع فينيسيوس الطعم ويجدد عقده، أم ينتهز الأهلي الفرصة ويصطاد الحلم؟ الأيام المقبلة ستكشف خيوط هذه اللعبة المعقدة.