تتداول الأوساط الإعلامية أخبارًا مثيرة عن محاولات حثيثة من "فرانس فوتبول"، الجهة المُنظمة لجائزة الكرة الذهبية، لاسترضاء نادي ريال مدريد بعد مقاطعته لحفلات الجائزة في السنة الماضية.
محاولات باءت بالفشل، لتترك سؤالاً ضخمًا يتردد صداه في أروقة كرة القدم العالمية: هل تفقد الجائزة الأعرق هيبتها؟ حينما يغيب الكبار، وبالتحديد نادٍ بحجم وتاريخ ريال مدريد، الذي حصد لاعبوه الجائزة 12 مرة، فمن المؤكد أن شيئًا ما قد كسر في قيمة الجائزة نفسها.
المشهد الحالي لا يمكن فصله عن حالة "الحرب الباردة" التي بدأت مع رحيل الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو، ليصبح السؤال الأعمق، هل تواصل ريال مدريد سرًّا مع أسطورته الدائمة بشأن الكرة الذهبية؟ وهل تلاقت مصالح النادي والنجم في مواجهة مشتركة لإسقاط هيبة الجائزة؟
شرخ في قمة الهرم: عندما تقاطع المؤسسة الأهم
لم تعد الكرة الذهبية مجرد جائزة فردية تُمنح لأفضل لاعب. إنها رمز، ومعيار، وحفل سنوي يتابعه الملايين. لكن عندما يقرر نادٍ بحجم وقوة ريال مدريد، الذي يُعد شريكًا أساسيًّا في تاريخ الجائزة وواجهتها الدعائية لسنوات، أن يقاطع هذا الحفل، فهذا ليس مجرد غياب عارض، بل هو ضربة في الصميم.
هذه المقاطعة لا تُفقد الحفل بريقه وحضور لاعبيه النجوم فقط، بل تُرسل رسالة واضحة بأن هناك مشكلة عميقة في طريقة عمل الجائزة، أو على الأقل، في منظور أكبر الأندية لها. إنها شرخ في قمة الهرم، يهدد بتقويض أساسات التقدير الفردي في كرة القدم.
صوت رونالدو في أروقة "الميرنغي": هل تلاقت المصالح؟
من الصعب تجاهل تصريحات كريستيانو رونالدو المتكررة التي قلل فيها من قيمة الجائزة بعد رحيله عن ريال مدريد.
كانت تصريحاته دائمًا تحمل في طياتها شعورًا بالظلم أو عدم التقدير، خاصة في سنوات معينة شعر فيها أنه كان يستحق الجائزة ولم يحصل عليها.
هل يمكن أن يكون هناك تنسيق غير معلن، أو على الأقل تلاقٍ في المصالح، بين ريال مدريد وأحد أهم أساطيره؟
النادي الملكي يرى أن لاعبيه لا يحظون بالتقدير الكافي، أو أن هناك تحيزًا ضدهم في بعض الأحيان. ورونالدو، الذي يشارك الشعور ذاته، يجد في هذا الموقف دعمًا لموقفه.
كأن النادي واللاعب يتشاركان في حملة "غير رسمية" لإعادة تقييم الجائزة، أو على الأقل، لإظهار أن قيمتها لم تعد مطلقة كما كانت.
هذا التلاقي في المصالح، سواء كان مقصودًا أو غير مقصود، يعطي موقف النادي وزنًا إضافيًّا، ويجعل تصريحات رونالدو تبدو وكأنها صدى لموقف المؤسسة بأكملها.
حروب الأندية والسياسة الكروية: تهديد وجودي للكرة الذهبية
إن الخلافات السياسية وحروب الأندية الكبيرة، مثل الحرب الدائرة بين ريال مدريد وفرانس فوتبول، تحمل في طياتها تهديدًا وجوديًّا لأهم الجوائز الفردية.
عندما تتحول الجائزة من محفل للاحتفاء بالتميز إلى ساحة للصراعات، فإنها تفقد قدسيتها وهيبتها تدريجيًّا. فهل يمكن أن نرى في المستقبل أندية أخرى تحذو حذو ريال مدريد؟
إذا أصبحت مقاطعة الجائزة ظاهرة، وتحولت لأداة ضغط أو احتجاج، فستتحول الجائزة بحد ذاتها إلى مجرد حفل عادي لا يثير الاهتمام، ويفتقر إلى الوزن الحقيقي والصدقية.
ولعل محاولات "فرانس فوتبول" اليائسة لاسترضاء ريال مدريد اليوم هي الدليل القاطع على أنها تخسر وزنًا كبيرًا بالفعل، وأن هيبتها التي بنتها عبر عقود باتت على المحك.
في عالم كرة القدم المتشابك بالسياسة والأعمال، يبدو أن الكرة الذهبية أصبحت ضحية أخرى للعبة القوة، وبات مستقبلها مجهولًا في ظل غياب "كبارها" عن مسرح الاحتفال.