بعد أن حسم منتخب مصر لكرة القدم تأهله المنتظر إلى المحفل العالمي في كأس العالم 2026، وعادت الفرحة لترتسم على وجوه الملايين، يبرز الآن التحدي الأكبر أمام المدير الفني حسام حسن وجهازه: كيف يمكن تحويل مجرد المشاركة إلى تمثيل مشرف يمحو الصورة الباهتة التي ظهر بها الفريق في آخر مشاركة له بكأس العالم 2018 في روسيا؟
لم يكن مجرد خروج من الدور الأول، بل كانت حصيلة صفرية من النقاط وهزيمة في المتناول أمام المنتخب السعودي، وهي نتيجة لا تليق بتاريخ الكرة المصرية.
ولتجنب تكرار هذا السيناريو، يحتاج المنتخب إلى خريطة طريق واضحة ومدروسة تبدأ من الآن.
الخطوة الأولى والحاسمة هي الخروج من عباءة المباريات الودية المتواضعة، فالتصنيف العالمي للفيفا، الذي يحدد مستويات المنتخبات في قرعة كأس العالم، يتأثر بشكل مباشر بنتائج المباريات الرسمية والودية.
لتأمين قرعة متوازنة قدر الإمكان، يجب على الاتحاد المصري لكرة القدم تأمين مواجهات من العيار الثقيل خلال فترات التوقف الدولي القادمة، ويجب أن يكون الهدف هو اللعب ضد مدارس كروية مختلفة ومتفوقة.
لا بد من خوض مباريات ضد منتخبات أوروبية تتميز بالقوة البدنية والانضباط التكتيكي (مثل صربيا، سويسرا، أو بولندا)، ومنتخبات من أمريكا الجنوبية تشتهر بالمهارة الفردية والسرعة (مثل كولومبيا، الإكوادور، أو الأوروغواي)، بالإضافة إلى منتخبات أفريقية قوية لمواجهة الواقعية التي سيصطدم بها الفريق في المونديال.
هذه المباريات ليست فقط لتحسين التصنيف، بل لكشف نقاط الضعف الحقيقية للفريق ومعالجتها قبل فوات الأوان، وتعويد اللاعبين على نسق اللعب السريع والضغط العالي الذي يغيب عن معظم مباريات التصفيات الأفريقية.
على الصعيد الفني، يحتاج حسام حسن إلى تحويل المعسكرات القادمة إلى ورشة عمل حقيقية لترميم الثغرات التي يعاني منها الفريق.
فالمشكلة لا تكمن في غياب المواهب، بل في إيجاد الانسجام التكتيكي لمعالجة بطء التحول الواضح من الدفاع إلى الهجوم؛ وهو ما يفقد الفريق سلاح المرتدات الخاطفة القادر على مباغتة الخصوم الكبار. ويرتبط هذا البطء بشكل مباشر بافتقاد الفريق للاعب "رقم 10" المبدع القادر على الربط بين خطي الوسط والهجوم وتخفيف العبء عن محمد صلاح، الذي يجد نفسه مضطراً للقيام بأدوار مركبة بعيداً عن مناطق الخطورة.
وفي الوقت نفسه، ورغم التحسن الدفاعي، يظل عمق الملعب نقطة ضعف مقلقة عند مواجهة مهاجمين يتمتعون بالسرعة؛ ما يتطلب عملاً مكثفاً لزيادة الانسجام بين قلبي الدفاع وتوفير حماية أكبر من لاعبي الوسط، لتكوين منظومة متكاملة قادرة على الصمود أمام أقوى خطوط الهجوم في المونديال.
يجب أن تكون أبواب المنتخب مفتوحة أمام اللاعبين الذين يثبتون جدارتهم، بعيداً عن الأسماء المعتادة. هناك مواهب تستحق الحصول على فرصة حقيقية لتدعيم الصفوف وخلق روح من المنافسة.
إن الطريق إلى تقديم أداء مشرف في كأس العالم ليس مفروشاً بالورود، بل يتطلب تخطيطاً دقيقاً، وقرارات جريئة، وعملاً فنياً شاقاً. المهمة الآن تقع على عاتق حسام حسن وجهازه واتحاد الكرة، فالوقت يمر سريعاً، وتكرار "فضيحة روسيا" لم يعد خياراً مقبولاً.