بعد مرور ما يقرب من شهر على انطلاق فترة الانتقالات الصيفية، ومع التألق اللافت للمهاجم الكولومبي الشاب جون دوران مع فريقه الجديد فنربخشة التركي، بدأ يتردد بقوة سؤال داخل أروقة نادي النصر السعودي وبين جماهيره: هل تسرّع "العالمي" في التفريط في موهبة كان من الممكن أن تصبح ركيزة أساسية في هجوم الفريق؟
وصل دوران إلى الرياض في يناير 2025 في صفقة ضخمة بلغت قيمتها قرابة 77 مليون يورو قادماً من أستون فيلا الإنجليزي، محملاً بآمال عريضة ليكون الشريك الهجومي الجديد للنجم كريستيانو رونالدو.
ولكن، بعد ستة أشهر فقط، وجد المهاجم الواعد نفسه معاراً إلى الدوري التركي، في خطوة فاجأت الكثيرين.
لم يحتاج دوران لوقت طويل ليثبت خطأ قرار الاستغناء عنه بهذه السرعة. ففي مباراته الأولى بقميص فنربخشة، أظهر اللاعب البالغ من العمر 21 عاماً لمسته التهديفية بتسجيله هدفين وكانا في شباك الاتحاد، ليصنع بداية قوية ومبشرة، ويصبح حديث الصحافة التركية والجماهير التي بدأت ترى فيه صفقة رابحة بكل المقاييس. هذا التألق الفوري يطرح تساؤلاً مشروعاً حول البيئة التي لم تسمح له بالانفجار في الرياض.
ستة أشهر من عدم الاستقرار
بالنظر إلى الفترة القصيرة التي قضاها دوران في النصر، من الإجحاف الحكم على تجربته بالفشل. فقد تزامن وصوله مع فترة لم يكن فيها الفريق يعيش أفضل حالاته من حيث الاستقرار الفني.
تحت قيادة المدرب الإيطالي ستيفانو بيولي آنذاك، كان الفريق لا يزال يبحث عن هويته التكتيكية وتوليفته المثالية، وهي ظروف لا تعتبر مثالية للاعب شاب قادم من دوري مختلف وثقافة كروية مغايرة، ويحتاج إلى وقت للتأقلم والدعم لاكتساب الثقة.
فرصة ضائعة مع جيسوس؟
ربما تكون الحسرة الأكبر لدى جماهير النصر هي تخيل ما كان يمكن أن يقدمه دوران تحت قيادة المدرب البرتغالي الجديد، جورج جيسوس، الذي تولى المسؤولية في يوليو 2025.
يُعرف عن جيسوس قدرته الفائقة على تطوير اللاعبين الشباب وصقل مواهبهم، وخلق منظومات هجومية فعّالة، وهو ما أثبته في تجاربه السابقة الناجحة.
كان من الممكن أن يجد دوران في جيسوس "الأب الروحي" الذي يحتضن موهبته ويمنحه الفرصة الكاملة لإطلاق العنان لقدراته الهجومية المتنوعة من سرعة وقوة بدنية وحس تهديفي عالٍ.
فراغ لم يُسد بعد
ومع دخولنا في عمق سوق الانتقالات، لم يقم نادي النصر حتى الآن بالتعاقد مع مهاجم بديل بنفس القيمة الفنية أو المستقبلية لجون دوران.
وفي ظل الأنباء التي تشير إلى منح كريستيانو رونالدو صلاحيات في عملية اختيار اللاعبين الجدد، يظل مركز المهاجم الصريح شريكاً للدون شاغراً، مما يزيد من شعور الندم على التفريط السريع في لاعب كان يمكن أن يمثل حلاً ناجعاً لسنوات قادمة.
في الختام، قد يكون من المبكر الجزم بأن النصر سيندم أشد الندم، فالموسم لم يبدأ بعد. ولكن المؤشرات الأولية، من تألق اللاعب في تركيا، وحاجة الفريق الماسة لمهاجم بقيمته، والتفكير في الإمكانيات التي كان من الممكن أن يطلقها مدرب بحجم جيسوس، كلها عوامل تجعل قرار رحيل جون دوران عن "العالمي" قراراً يستحق المراجعة والنقاش.