لم تكد تمر ساعات قليلة على صافرة نهاية مباراة الأهلي وفاركو، حتى تحولت بطاقة حمراء "هامشية" في الدقائق الأخيرة إلى أزمة مكتملة الأركان.
ففي أعقاب طرد قائده محمد هاني يوم الجمعة الماضي بقرار من الحكم الدولي محمد معروف، أشعل النادي الأهلي معركته الأولى هذا الموسم ضد لجنة الحكام، بتقديمه شكوى رسمية عاجلة يتهم فيها الحكم بـ"التحامل"، وهو ما ينذر بتصعيد مبكر قد يلقي بظلاله على مسار الدوري بأكمله.
هذا التحرك السريع والحاسم، الذي يبدو أكبر من حجم الواقعة نفسها، لا يُقرأ في الأوساط الرياضية على أنه مجرد دفاع عن لاعب، بل يُنظر إليه كتطبيق عملي لاستراتيجية كاملة يتبناها النادي، والتي تفسر لماذا يختار النادي هذا التوقيت تحديداً لإطلاق شرارة المعركة.
من رد الفعل إلى الفعل: استراتيجية الضغط المسبق
يعود مصطلح "الاحتواء" في الأصل إلى تصريح شهير للحكم محمد عادل في موسم 2021-2022، حيث ذكر أنه كان "يحتوي" لاعبي الزمالك في الملعب، لهذا ربما بدأ الأهلي يعتمد نهجا أكثر حدة في التعامل مع مواقف تحكيمية مختلفة.
يكمن جوهر هذا النهج في الانتقال من مجرد رد الفعل على الأخطاء التحكيمية إلى الفعل الاستباقي.
فبدلاً من انتظار وقوع أزمة قد تؤثر على نتائج الفريق، يبادر الأهلي إلى لفت الانتباه لأي وقائع يرى أنها تستدعي المراجعة.
فالشكوى من واقعة طرد هاني لا تهدف بالضرورة فقط لإلغاء إيقاف اللاعب، بل هي خطوة تعكس حرص النادي على متابعة التفاصيل كافة؛ وهو ما يضع الأداء التحكيمي بشكل عام تحت ضوء المتابعة الجماهيرية والإعلامية.
يمكن النظر إلى هذا التصعيد المبكر على أنه محاولة من النادي لـ "تأمين بيئة تنافسية" مستقرة من وجهة نظره. فمن خلال إثارة النقاش حول واقعة تحكيمية مبكرة، يطرح النادي وجهة نظره بقوة في الساحة الإعلامية، ويوضح المعايير التي يتوقعها من إدارة المباريات، وهو ما يمنح موقفه شرعية أكبر في نظر جمهوره عند المطالبة بأي إصلاحات مستقبلية.
علاوة على ذلك، تعيد كل شكوى من هذا النوع إلى الواجهة مطلب النادي الدائم بضرورة تطوير المنظومة التحكيمية. فكلما تكررت الملاحظات على أداء الحكام المصريين، مثلما حدث مع الحكم معروف، أصبح مطلب استقدام حكام أجانب للمباريات الكبرى أكثر منطقية؛ وهو ما يسعى إليه النادي بشكل متجدد لضمان أعلى معايير الحياد والشفافية.
هذه الثقة في اتخاذ مواقف إدارية حاسمة ليست جديدة، بل هي متجذرة في تاريخ طويل من السياسات الإدارية التي اتبعها النادي. هذا الإرث التاريخي يمنح الإدارة الحالية قناعة بأن الحوار المنظم والمواقف الواضحة غالباً ما تؤدي إلى نتائج إيجابية ومراجعات تخدم استقرار المنافسة.
في النهاية، يمكن قراءة الشكوى ضد طرد محمد هاني كخطوة مدروسة ضمن سياسة إدارية أوسع يتبعها الأهلي. إنها فصل جديد في نهج النادي الذي يهدف من خلاله إلى ضمان ما يراه بيئة تنافسية عادلة ومستقرة على المدى الطويل، وتقليل أي مخاطر قد تؤثر على مسيرته في المنافسات.