في عصر أصبحت فيه الترندات والجدل خارج الملعب أهم من الأداء داخله، وفي ظل صراع محموم على عرش الجيل الجديد، يظهر نجم ريال مدريد الشاب، أردا غولر، ليقدم نموذجًا مختلفًا تمامًا.
إنه يسير على خطى نموذج ميسي الكلاسيكي، لاعب خجول، هادئ إعلاميًا، لكنه قاتل فنيًا ومؤثر إلى أقصى درجة.
فبينما ينشغل لامين يامال وفينيسيوس جونيور بمعاركهما الشخصية والإعلامية، يقدم غولر صفعة هادئة للجميع، ويثبت أن النجومية الحقيقية تُبنى بالالتزام والعقل وليس بالضجيج.
الجوهرة التي لا تعرف الضجيج
منذ وصوله إلى ريال مدريد، لم يكن أردا غولر هو الفتى المدلل الذي حصل على كل شيء بسهولة، فهو لم يحظَ بالفرصة الذهبية الفورية التي نالها لامين يامال في برشلونة، ولا بالدعم المطلق الذي حصل عليه فينيسيوس جونيور في بداياته. بل على العكس، واجه غولر تحديات كبرى، وجلس على مقاعد البدلاء، ودخل في صدامات تكتيكية مع مدربه تشابي ألونسو. لكن الفارق الجوهري يكمن في رد الفعل.
ففي الوقت الذي أشعل فيه لامين يامال حربًا إعلامية بتصريحات نارية ضد ريال مدريد قبل الكلاسيكو، وانشغل بحياته الخاصة التي أثارت قلق مدربه هانزي فليك، وفي الوقت الذي دخل فيه فينيسيوس في تمرد علني بركل زجاجات المياه اعتراضًا على قرارات ألونسو، كان أردا غولر يختار الصمت والانصياع التام لمدربه.
نموذج ميسي.. الهدوء الذي يسبق العاصفة
ما يفعله غولر هو استنساخ دقيق لـنموذج ميسي في بداياته، إنه يتبع خطى اللاعب الخجول والهادئ الذي لا يثير الجدل، ولكنه في الوقت نفسه مؤثر بشكل مرعب ويقدم أداءً شبه مثالي في الملعب.
غولر يدرك أن الطريق إلى القمة لا يمر عبر الترند أو الخناقات الإعلامية، فعندما شعر بالظلم من ألونسو، لم يتمرد علنًا، بل انتظر الفرصة في المنتخب التركي ليرد بهدف رائع. وعندما منحه ألونسو الثقة، قدم أداءً لافتًا في الكلاسيكو وكان أحد أسباب الفوز.
إنه يسير على كتيب تعليمات، مركزًا فقط على تطوير نفسه بدنيًا وفنيًا، بعيدًا عن ضجيج السوشيال ميديا وحروب الأنا التي يغرق فيها يامال وفينيسيوس. جولر يثبت أن الالتزام والانضباط هما أقصر طريق للوصول إلى القمة.
لماذا سيتخطاهما غولر؟
بينما يستهلك فينيسيوس طاقته في معارك جانبية لإثبات أنه النجم الأول في وجود مبابي، وينشغل يامال بـاستعراض حياته الخاصة التي أصبحت محل قلق إدارته، يواصل غولر العمل في صمت، إنه يصفع منافسيه بـالهدوء والعقل. لقد أثبت بالدليل القاطع أنه الأعقل بين الثلاثي، وأنه يملك النضج الكافي ليصبح الأفضل.
قد لا يملك أردا غولر الدقائق نفسها التي يملكها يامال، أو النجومية نفسها التي وصل إليها فينيسيوس بعد، لكنه يملك شيئًا أهم: العقلية.
إنه يثبت للعالم أن نموذج ميسي الهادئ والقاتل لا يزال هو الأكثر فاعلية، وفي سباق الماراثون نحو العرش، غالبًا ما ينتصر اللاعب الذي يركز على الملعب، وليس اللاعب الذي يبحث عن الترند والجدل.