بينما تتجه أنظار المتابعين في الموسم الحالي (2025-2026) إلى المنافسة المحتدمة على المراكز الأولى في دوري روشن، يبرز اسم النادي الأهلي السعودي ليس كقوةٍ صاعدة، بل كماردٍ حقيقيٍّ يبدو أنه استيقظ ولن يعود إلى سباته بعد تفوقه في ديربي جدة، مهددًا بإنهاء هيمنة الثنائي التقليدي، الاتحاد والهلال، على الألقاب المحلية.
السؤال الذي يطرحه أداء الأهلي القوي هذا الموسم ليس: ماذا حدث؟، بل: هل تذكرون ما حدث؟، فالقوة التي يضرب بها الراقي منافسيه الآن ليست وليدة الصيف، بل هي امتداد مباشر لصحوة يناير المذهلة في الموسم الماضي (2024-2025)، وهي الصحوة التي حوّلت فريقًا متذبذبًا إلى بطلٍ قاريٍّ.
لفهم الكابوس الذي قد يمثله الأهلي، يجب العودة بالزمن إلى ما قبل 1 يناير 2025. في تلك الفترة، كان فريق المدرب ماتياس يايسله يقدم أداءً جيدًا في الدوري، ولكنه كان يعاني على مستوى الحسم، والأسوأ من ذلك أنه كان يعيش صدمة الخروج المبكر من بطولتَي كأس خادم الحرمين الشريفين وكأس السوبر السعودي. في تلك اللحظة، بدا الأهلي فريقًا جيدًا، لكنه ليس فريق بطولات، واعتبره المنافسون خارج الحسابات.
صحوة يناير
بعد فترة التوقف، عاد الأهلي بوجهٍ مختلف تمامًا، لم يكن مجرد تحسّن طفيف، بل كان تحولًا جذريًا؛ الأرقام تروي القصة: قفزت نسبة فوز الفريق من 56% في النصف الأول من الموسم إلى ما يقارب 71% في النصف الثاني. ارتفع المعدل التهديفي بشكلٍ مرعب من 1.72 هدف في المباراة إلى 2.16 هدف، مع دفاع أصبح أكثر صلابة.
لكن البرهان الأكبر لم يكن في الدوري المحلي، بل في دوري أبطال آسيا للنخبة. هنا، أطلق يايسله المارد الحقيقي؛ الفريق الذي خرج من الكؤوس المحلية التهم كل منافسيه في الأدوار الإقصائية الآسيوية، محققًا خمسة انتصارات متتالية، كان من بينها فوزٌ حاسم على الهلال في نصف النهائي، قبل أن يخطف اللقب القاري التاريخي في مايو 2025.
ما نشهده هذا الموسم (2025-2026) ليس بدايةً جديدة، بل هو تكرار لما حدث في الموسم الماضي؛ من البداية المهتزة وما يبدو عليه أنه عودةٌ للطريق الصحيح.
الأهلي الحالي يبدو الفريقَ نفسه الذي أنهى الموسم الماضي بطلًا لنخبة آسيا؛ يايسله لم يعد يبحث عن التوليفة، بل وجدها؛ الفريق ينافس الآن بنضج البطل وثقته.
وهنا يكمن الكابوس الحقيقي للنصر والهلال؛ فالمنافس الذي أمامهم اليوم ليس فريقًا يسعى لبناء هوية، بل فريقٌ حاملٌ للقب القاري وقد ذاق طعم الذهب، والأخطر أنه ماردٌ جائعٌ محليًا. الخروج المبكر من كؤوس الموسم الماضي يبدو أنه أشعل نارًا في صدر الفريق، وهو ما يفسر تقدمهم السلس إلى ربع نهائي كأس الملك هذا الموسم، وحصد السوبر.
الأهلي لم يعد الحصان الأسود، بل أصبح الوحش الذي استيقظ؛ يمتلك الفريق الآن التوازن بين الخبرة والشباب، والاستقرار الفني بقيادة يايسله، والأهم من ذلك، عقلية البطل التي اكتسبها بعد يناير 2025. لم يعد السؤال: هل يستطيع الأهلي المنافسة؟ بل أصبح: كيف يمكن إيقاف المارد الذي أيقظه يايسله؟.