شهدت الأسابيع القليلة الماضية تألقا لافتا للنجم البرازيلي أندرسون تاليسكا في الدوري التركي بقميص فنربخشة؛ الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة بشأن أسباب هذا التحول الملحوظ في أدائه مقارنةً بما قدمه مع فريقه السابق النصر السعودي.
فبعد أن سجل "هاتريك"، مساء الأحد، وصل رصيده إلى 8 أهداف بالإضافة إلى تمريرة حاسمة في حوالي ثلاثة أشهر فقط، أي بمعدل تهديفي مماثل لما حققه في 19 مباراة مع النصر خلال النصف الأول من الموسم.
هذا الأداء الاستثنائي يرجع إلى عدة عوامل رئيسة ساهمت في إطلاق العنان لإمكانيات تاليسكا في بيئة كرة القدم التركية.
تأثير مورينيو الساحر: توجيه وإلهام نحو التألق
أول هذه الأسباب يكمن في العمل تحت قيادة مدرب بحجم وقيمة البرتغالي جوزيه مورينيو، لا يخفى على أحد التأثير الكبير الذي يملكه مورينيو على اللاعبين، فهو يتمتع بقدرة فريدة على استخراج أفضل ما لديهم من خلال تكتيكاته المنظمة وتوجيهاته الدقيقة.
من المعروف أن مورينيو يولي اهتماما خاصا بالجوانب التكتيكية والانضباطية، وهذا قد يكون ما يحتاجه لاعب بموهبة تاليسكا لتوجيه طاقاته بشكل أكثر فعالية.
فمن المرجح أن مورينيو قد وضع خطة لعب تستغل قدرات تاليسكا التهديفية ومهاراته الفردية بشكل أمثل، مع توفير الدعم اللازم له من بقية الفريق.
إن العمل مع مدرب يتمتع بهذه الخبرة والكفاءة يمنح اللاعب ثقة أكبر ويسهم في تطوير مستواه بشكل ملحوظ، وهو ما يبدو جليا في أداء تاليسكا الحالي.
بيئة تركية هادئة: استقرار وثقة تُطلق العنان للإبداع
ثانيا، تلعب البيئة المحيطة باللاعب دورا حاسما في أدائه، فمن الممكن أن يكون تاليسكا قد وجد في تركيا بيئة أقل ضغطا وأكثر استقرارا على صعيد مستقبله الكروي.
ففي عالم كرة القدم الاحترافي، يمكن أن يؤثر القلق بشأن المستقبل أو الضغوط الإعلامية والجماهيرية سلبا على أداء اللاعب.
ربما يكون الانتقال إلى فنربخشة قد منحه شعورا بالاستقرار والثقة؛ مما سمح له بالتركيز بشكل كامل على تقديم أفضل ما لديه داخل الملعب دون تشتيت ذهنه بأمور أخرى.
هذا الشعور بالراحة والأمان النفسي يمكن أن يكون له تأثير كبير على الأداء الفني والبدني للاعب، وهو ما قد يفسر هذا التألق اللافت لتاليسكا مقارنة بفترة لعبه مع النصر.
مركز المهاجم الصريح: فرصة ذهبية لتفجير القدرات التهديفية
أخيرا، يبرز عامل تغيير المركز كسبب ثالث ومهم لتألق تاليسكا، تشير الإحصائيات إلى أنه يلعب حاليا في مركز رأس الحربة بشكل أساسي، وهو المركز الذي لم يحظ فيه بالكثير من الفرص مع النصر، حيث لعب فيه 14 مباراة فقط من أصل 104 مباريات بقميص العالمي.
من الواضح أن تاليسكا يمتلك القدرات الهجومية التي تؤهله للعب في هذا المركز بفعالية، فهو يتمتع بمهارات تهديفية عالية وقدرة على التحرك داخل منطقة الجزاء بشكل جيد.
إن منحه الفرصة للعب في مركز يبرز قدراته الهجومية بشكل أكبر قد يكون السبب الرئيس وراء هذا الانفجار التهديفي.
فبدلا من اللعب كلاعب خط وسط مهاجم أو جناح، أصبح تاليسكا الآن هو المهاجم الصريح الذي يعتمد عليه الفريق في تسجيل الأهداف، وهذا الدور الجديد قد يكون هو المكان الأمثل له للتعبير عن إمكانياته الكاملة التي ربما لم تُستغل بالشكل الأمثل في تجربته مع "العالمي".
