في عالم كرة القدم الذي لا يتوقف عن الدوران، يظل السؤال حول نهاية مسيرة ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو هو الشغل الشاغل للملايين.
ورغم أن رونالدو أكبر بعامين، فإن المؤشرات الحالية ترجح وبقوة أن "البرغوث" الأرجنتيني قد يعلق حذاءه قبل "الدون" البرتغالي بالأخص بعد كل الإصابات التي نالت من الأرجنتيني في الموسم الجاري.
3 إشارات واضحة تدعم هذه الفرضية، وترسم مسارًا مختلفًا لنهاية أسطورتين خالدتين.
@eremsports ما قصة إعجاب كريستيانو رونالدو بمنشور الفنانة العراقية مريم غريبة؟ #sportsontiktok
♬ original sound - إرم سبورت - Erem Sports
الإشارة الأولى: التزام صارم مقابل مرونة بشرية
يكمن الفارق الجوهري والأكثر وضوحا في المنهجية التي اتبعها كل لاعب طوال مسيرته للحفاظ على جسده. الأسطورة كريستيانو رونالدو ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل هو مشروع رياضي متكامل، منذ سنوات، حوّل جسده إلى ماكينة تعمل بدقة متناهية، بالتزام أسطوري ببرامج غذائية وتدريبية قاسية، وجباته محسوبة بالسعرات الحرارية، ومواعيد نومه محددة، وبرامج تعافيه الجسدي لا تقبل التهاون، هذا الالتزام الحديدي منحه بنية جسدية استثنائية وقدرة مذهلة على التحمل، جعلته حالة فريدة في تاريخ اللعبة، حيث يبدو في الأربعين من عمره وكأنه في أوج عطائه.
على الجانب الآخر، وعلى الرغم من موهبته الفطرية التي لا تضاهى، فإن مسيرة ليونيل ميسي شهدت لحظات من "التراخي البشري" فيما يتعلق بالجانب البدني، ليست سراً تلك الفترة الصعبة التي مر بها تحت قيادة المدرب تاتا مارتينو في موسم 2013-2014 مع برشلونة، حيث عانى من إصابات متكررة وحالات تقيؤ شهيرة في الملعب، والتي ارتبطت وقتها بنظامه الغذائي وتأثره بالضغوط، وحتى مؤخرا في إنتر ميامي، ورغم تألقه، بدأت الإصابات العضلية في مطاردته بشكل متكرر، وهو ما يؤثر حتما على استمراريته ويقلل من قدرة جسده على الاستجابة السريعة للعلاج والتعافي بالكفاءة السابقة نفسها.
@eremsports سيارة وملابس فاخرة.. هدايا خطوبة كريستيانو رونالدو لجورجينا #SportsonTikTok
♬ original sound - إرم سبورت - Erem Sports
الإشارة الثانية: الجسد لا ينسى.. وتكرار الإصابات
الإشارة الثانية ترتبط بشكل مباشر بالأولى، وهي ذاكرة الجسد، الإصابات المتكررة التي عانى منها ميسي، خاصة في السنوات الأخيرة، تترك أثرا تراكميا، أحدث هذه الإصابات مع إنتر ميامي، ورغم عودته للتدريبات، فإن الجهاز الفني بقيادة خافيير ماسكيرانو ومساعده خافيير موراليس، يتعامل بحذر شديد مع حالته، مدركا أن أي تسرع قد يؤدي إلى انتكاسة تبعده لفترة أطول. هذا الحذر يعكس إدراكا بأن جسد ميسي، البالغ من العمر 38 عاما، لم يعد يملك القدرة نفسها على الشفاء التي كان عليها قبل عقد من الزمان.
في المقابل، فإن رونالدو، بفضل استثماره طويل الأمد في جسده، تجنب إلى حد كبير الإصابات العضلية الخطيرة التي عادة ما تنهي مسيرة اللاعبين في مثل عمره. قدرته على لعب عدد هائل من المباريات موسما تلو الآخر دون مشاكل بدنية كبيرة هي شهادة على نجاح منهجيته.
@eremsports تحويل أجمل أهداف ميسي إلى لوحة فنية مميزة #sportsontiktok
♬ original sound - إرم سبورت - Erem Sports
الإشارة الثالثة: رونالدو الاستثناء.. وميسي القاعدة
أخيرا، يجب الاعتراف بأن الأسطورة كريستيانو رونالدو هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة، وصول لاعب كرة قدم إلى سن الأربعين وهو ينافس في أعلى المستويات هو أمر شبه مستحيل، لكن رونالدو جعل المستحيل ممكنا. هو ليس القاعدة التي يمكن القياس عليها، بل هو ظاهرة فريدة يصعب تكرارها.
أما ميسي، فهو يمثل المسار الطبيعي للاعب كرة قدم عبقري، وصوله إلى سن الثامنة والثلاثين وهو لا يزال يقدم لمحات من سحره هو في حد ذاته إنجاز مثير للإعجاب ويضعه في مصاف نخبة النخبة تاريخيا، لكن جسده بدأ يرسل إشارات طبيعية ومنطقية بأن النهاية باتت قريبة، استجابته للإصابات، وحاجته لفترات أطول من الراحة، كلها أمور تتماشى مع مسيرة أي رياضي في هذه المرحلة العمرية.
في المحصلة، بينما يواصل رونالدو تحدي الزمن بقوة إرادته وجسده الفولاذي، يبدو أن ميسي بدأ يستمع أكثر لجسده الذي منحه كل شيء. ولذلك، يبدو من المنطقي أن نرى الأسطورة الأرجنتينية يودع الملاعب أولا، تاركا الساحة لمنافسه الأزلي ليضع السطر الأخير في واحدة من أعظم قصص التنافس في تاريخ الرياضة.