في أمسية كروية عاصفة على الساحل الجنوبي لإنجلترا، بدت سماء مانشستر سيتي ملبدة بالغيوم أكثر من أي وقت مضى.
لم تكن مجرد خسارة بثلاث نقاط، بل كانت هزيمة بطعم المرارة دقّت ناقوس الخطر في قلعة الاتحاد، وأعادت طرح سؤال لم يجرؤ الكثيرون على الهمس به في السنوات الماضية: هل بدأت شمس الفيلسوف الإسباني بيب غوارديولا في الأفول؟ وهل حانت لحظة الإقالة التي لم يشهدها طوال مسيرته؟!
السقوط أمام برايتون بنتيجة 2-1 لم يكن مجرد عثرة جديدة في بداية متعثرة للموسم، بل كان بمثابة زلزال يهدد أركان مشروع سيطر على الكرة الإنجليزية بالطول والعرض، ويضع مدربه الأسطوري في موقف لم يعهده طوال مسيرته التدريبية اللامعة، قد يصل إلى إقالته حتى.
على أرض ملعب "فالمر"، بدت المباراة وكأنها تسير وفق السيناريو المعتاد، سيطرة واستحواذ لرجال غوارديولا، تُرجمت بهدف من المهاجم الفتاك إيرلينج هالاند في الدقيقة 34.
لكن هذه السيطرة كانت هشة، تفتقر إلى الحسم والقدرة على قتل المباراة، الأرقام بعد اللقاء كشفت الحقيقة: فرغم استحواذ السيتي على الكرة، كان برايتون هو الطرف الأخطر والأكثر فعالية على المرمى، وهو ما تجلى بوضوح في الشوط الثاني.
شخصية أصحاب الأرض ظهرت بقوة، فنجح القائد المخضرم جيمس ميلنر في تعديل الكفة من علامة الجزاء، قبل أن يوجه الشاب براجان جرودا الضربة القاضية في الدقائق الأخيرة، كاشفًا عن ضعف دفاعي وتراخٍ غير معهود في فريق بناه غوارديولا ليكون آلة لا ترحم.
بهذه الهزيمة، وهي الثانية في ثلاث مباريات فقط، يقبع مانشستر سيتي في المركز الثاني عشر برصيد بائس من ثلاث نقاط.
هذه الأرقام لا تمثل مجرد أزمة نتائج، بل هي انحراف حاد عن المعايير التي أرساها غوارديولا بنفسه، فمنذ وصوله إلى إنجلترا، عوّد فريقه الجميع على بدايات قوية وجمع النقاط مبكرًا لحسم السباق لصالحه.
لكن هذا الموسم يبدو مختلفًا، فالفريق يظهر بلا أنياب هجومية حقيقية رغم وجود هالاند، وبدفاع يسهل اختراقه.
التساؤلات التكتيكية بدأت تفرض نفسها: هل أصبحت أفكار غوارديولا مقروءة للمنافسين؟ أم أن هناك حالة من التشبع أصابت اللاعبين بعد سنوات من حصد الألقاب؟
من الطبيعي أن تضع هذه السلسلة من النتائج السلبية المدرب الإسباني في عين العاصفة، فنظراته الحائرة على خط التماس كانت أبلغ من أي تصريح، فهي تلخص حجم التحدي الذي يواجهه.
لكن رغم قسوة اللحظة، لا يمكن إنكار أن الموسم لا يزال في مهده، فكرة القدم علمتنا أن البدايات المتعثرة ليست بالضرورة نهاية القصة، وأن الفرق الكبرى تمتلك من الشخصية والجودة ما يمكنها من العودة بقوة من أحلك الظروف.
ومع ذلك، فإن الفارق هذه المرة هو أن منافسي السيتي المباشرين، مثل آرسنال وليفربول، بدأوا الموسم بقوة، مما يعني أن كل نقطة يفقدها فريق غوارديولا الآن قد تكلفه الكثير في نهاية المطاف.
التحدي الحقيقي أمام بيب ليس فقط في إيجاد حلول تكتيكية، بل في إعادة بث الروح القتالية والشغف في نفوس لاعبين حققوا كل شيء تقريبًا.
الأسابيع القادمة ستكون حاسمة، فهي لن تحدد فقط مصير مانشستر سيتي في هذا الموسم، بل قد تحدد أيضًا مستقبل واحد من أنجح المدربين في تاريخ اللعبة مع فريقه الحالي.