في الوقت الذي تشتعل فيه النيران داخل أروقة آنفيلد، وتتصدر أخبار غضب محمد صلاح وتصريحاته النارية ضد إدارة ليفربول وآرني سلوت عناوين الصحافة العالمية، كان الجميع يتوقع تحركا عاجلا من الهلال السعودي لحسم الأمور.
لكن، وبشكل مفاجئ، خرجت تسريبات عبر صحيفة "الشرق الأوسط" لتؤكد أن الهلال ليس في عجلة من أمره، وأن صفقة القرن قد لا تتم في يناير، ولا حتى بالسرعة التي يتخيلها الجمهور.
هذا الموقف الهادئ من إدارة الهلال، برئاسة نواف بن سعد، أثار تساؤلات عديدة، منها لماذا يزهد بطل آسيا في ضم أحد أفضل لاعبي العالم وهو متاح؟ الإجابة تكمن في دهاء إدارة "الزعيم" التي لا تتحرك بالعاطفة، بل وفق استراتيجية محسوبة بدقة، تتلخص في ثلاثة أسباب رئيسة تمنع وصول الفرعون المصري إلى الرياض فورا.
1- الاستقرار المقدس
السبب الأول والأهم هو الحالة الفنية الاستثنائية التي يعيشها الموج الأزرق، الهلال حاليا عبارة عن ماكينة انتصارات لا تتوقف، بقيادة سيموني إنزاغي، الفريق يتصدر، يسيطر، ويفترس الخصوم بتشكيلة متناغمة وكيمياء وصلت لمرحلة الكمال بين اللاعبين.
دخول نجم بحجم محمد صلاح في منتصف الموسم (يناير) يعني بالضرورة تغيير شكل الفريق، وتعديل خطط اللعب، وربما التضحية بأحد الأجانب المتألقين حاليا؛ ما قد يخلق حالة من الشوشرة الفنية أو الغيرة داخل غرفة الملابس. إدارة الهلال تدرك جيدا أن إصلاح ما ليس مكسورا قد يؤدي لكسره، ولذلك تفضل الحفاظ على استقرار المجموعة الحالية التي تسير بخطى ثابتة نحو حصد الأخضر واليابس، بدلا من المخاطرة بدمج عنصر جديد، مهما كان حجمه، في وقت حساس من الموسم.
٢- لعبة الصبر.. لماذا تشتري ما يمكنك الحصول عليه مجانا؟
السبب الثاني اقتصادي وتفاوضي بحت. محمد صلاح يمر بمشكلة واضحة في صفوف الريدز. فلماذا يدفع الهلال مبالغ طائلة لليفربول الآن لشراء المتبقي من عقده إذا كان هناك إمكانية لفسخ هذا العقد وضمه مجانا؟
الهلال يمارس لعبة عض الأصابع بذكاء؛ فالتأجيل يضع النادي السعودي في موقف قوة أكبر في الصيف أو حتى التخطيط لمشروع أضخم في وقت لاحق.
الانتظار يعني إمكانية ضم صلاح بصفقة انتقال حر، مع توجيه الميزانية الضخمة لراتبه الشخصي ومكافآت التوقيع بدلا من ملء خزائن ليفربول.
كما أن الهلال قد يرى أن صلاح سيكون أيقونة المشروع القادم ومن ثم فإن توقيت وصوله يجب أن يكون بداية لحقبة جديدة، وليس ترقيعا في منتصف موسم ناجح بالفعل.
3- ترتيب البيت الداخلي.. الأولوية لـلحرس القديم
أما السبب الثالث، فهو التركيز الإداري المنصب حاليا على تحصين القلاع قبل بناء أبراج جديدة. إدارة الهلال تضع ملف تجديد عقود نجوم الفريق الحاليين (المحليين والأجانب) على رأس الأولويات. هناك أسماء ساهمت في إنجازات الفريق التاريخية وتنتظر التقدير المادي والمعنوي لضمان استمرار ولائهم وعطائهم.
الانشغال بصفقة إعلامية ضخمة مثل صلاح قد يسحب البساط والتركيز من ملفات التجديد العالقة؛ ما قد يسبب تصدعات داخلية. الإدارة ترى أن الحفاظ على الهيكل الأساسي للفريق وضمان مستقبل نجومه الحاليين هو الأساس الذي يُبنى عليه أي نجاح قادم، وأن ترتيب البيت من الداخل أهم كثيرا من جلب ضيف ثقيل في الوقت الحالي.