في عالم كرة القدم، هناك أسئلة يصعب طرحها بصوت عالٍ، خاصة عندما تتعلق بأسطورة بحجم كريم بنزيما.
لكن بعد الأداء "المرعب" الذي قدمه الاتحاد في غيابه والفوز الساحق على الشرطة العراقي برباعية، أصبح السؤال مشروعًا بل وملحًا: هل الاتحاد فريق أفضل دون قائده الفرنسي؟
الإجابة، التي قد تكون صادمة للكثيرين، هي "نعم" مدوية، وما حدث في ليلة آسيا لم يكن صدفة، بل كان دليلًا قاطعًا على أن غياب "الملك" قد يكون هو الحل لإنقاذ "المملكة".
التحرر من "سجن" اللاعب الواحد
لأسابيع طويلة، كان الاتحاد يعاني. الفريق بدا بلا هوية، يعتمد بشكل كلي على "حل فردي" يأتي من كريم بنزيما. كان اللاعبون تحت ضغط نفسي هائل يتمثل في ضرورة إيصال الكرة للقائد، الذي بدوره كان يعاني ضغطًا هائلًا ليكون "المنقذ" في كل مباراة. هذا الاعتماد الكلي خلق "سجنًا تكتيكيًّا" وضع الفريق بأكمله فيه. وعندما غاب بنزيما حدث ما لم يكن في الحسبان: الفريق "تحرر".
ما شاهدناه أمام الشرطة العراقي لم يكن مجرد فوز، بل كان "انفجارًا" جماعيًّا. اللاعبون، الذين تخلصوا من "واجب" اللعب للنجم الأوحد، بدؤوا في إظهار إمكانياتهم الحقيقية. تحول الفريق من منظومة بطيئة ومتوقعة تنتظر لمسة من بنزيما، إلى كتيبة سريعة ومتحركة لا يمكن التنبؤ بها.
غياب بنزيما لم يكن "كارثة" للمدرب الجديد سيرجيو كونسيساو، بل كان "هدية" تكتيكية. لقد منحته الفرصة لتطبيق فلسفته الحقيقية. كونسيساو تخلى عن فكرة المهاجم "الصندوق" الثابت، ولجأ إلى خطة "المهاجم الوهمي" بوجود الثنائي الناري موسى ديابي وروجر فيرنانديز، ومن خلفهما حسام عوار ومحمدو دومبيا. النتيجة كانت "رباعيًّا" مرعبًا يتبادل المراكز باستمرار، ويخلق الفوضى في دفاعات الخصم.
لقد رأينا موسى ديابي "يستيقظ" من سباته ويقدم أداءً أسطوريًّا (بهدف وصناعة هدفين) بعد أن تحرر من "ظل" بنزيما. ورأينا حسام عوار ومحمدو دومبيا يقتحمان منطقة الجزاء بجرأة، وهو ما لم يكن ممكنًا في وجود بنزيما الذي يحتكر هذه المساحة. لقد سمح غياب بنزيما للمدرب ببناء "منظومة جماعية" حقيقية، وهو ما يثبت أن الاتحاد يملك أسلحة فتاكة كانت "معطلة".
الآن، يواجه كونسيساو "الصداع الأجمل" في مسيرته. بعد هذا الأداء المرعب والفوز الساحق، هل من المنطقي أن يعود المدرب إلى "خطة بنزيما" القديمة؟ هل يجرؤ على إجلاس لاعب بحجم ديابي أو عوار، اللذين انفجرا في غيابه؟ الأداء الجماعي للفريق أثبت أنه "أقوى" و"أكثر فاعلية" من الاعتماد على فردية بنزيما، مهما كانت عبقريته.
الإجابة عن سؤال الموسم أصبحت واضحة: الاتحاد "كفريق" هو أفضل وأخطر دون بنزيما. قد يكون بنزيما هو النجم الأكبر اسمًا، لكن الفريق أثبت أنه يملك "منظومة" أقوى من أي فرد. والآن الكرة في ملعب كونسيساو، الذي يجب أن يختار بين "الولاء" لاسم الأسطورة، وبين "الوفاء" للخطة التي أعادت الحياة والهيبة للفريق.