في خطوة قد تمثل أكبر مقامرة مالية وفنية في تاريخه، يقترب النادي الأهلي من حسم صفقة التعاقد مع المدرب البرتغالي برونو لاج، وسط أنباء متداولة في الصحافة البرتغالية والمصرية عن راتب سنوي "فلكي" يصل إلى 5 ملايين يورو.
هذا الرقم لا يمثل فقط قفزة هائلة في سقف رواتب المدربين في القارة الأفريقية، بل يطرح تساؤلًا جوهريًا حول مدى واقعية هذا الاستثمار وجدواه الاقتصادية لنادٍ تتجاوز طموحاته حدود المستطيل الأخضر.
فنيًا، لا شك أن برونو لاج يمتلك سيرة ذاتية لافتة، أبرزها قيادة بنفيكا لتحقيق لقب الدوري البرتغالي في موسم 2018-2019 بأسلوب هجومي ممتع.
لكن مسيرته لا تخلو من منعرجات مقلقة؛ فتجربته مع وولفرهامبتون في الدوري الإنجليزي انتهت بالإقالة بعد تراجع النتائج، كما أن رحلته مع بوتافوغو البرازيلي لم تكلل بالنجاح المتوقع.
وهنا يكمن الخطر الأول، فكرة القدم لا تعترف بالأسماء بقدر ما تعترف بالنتائج، واحتمالات الفشل واردة دائمًا مهما بلغت قيمة المدرب.
مغامرة اقتصادية غير محسوبة
الصدمة الحقيقية تكمن في المقارنة بين الراتب المقترح وعوائد النادي. تشير التقارير إلى أن أعلى راتب حصل عليه لاغ في مسيرته لم يتجاوز 3.5 مليون يورو، ما يعني أن الأهلي يقدم له عرضًا يفوق أفضل عروضه السابقة.
وفي المقابل، فإن أكبر جائزة مالية يمكن للأهلي تحقيقها بشكل دوري هي لقب دوري أبطال أفريقيا، والتي تبلغ قيمتها 4 ملايين دولار أمريكي (حوالي 3.8 مليون يورو)، أي أن جائزة التتويج باللقب الأغلى في القارة لن تكون كافية حتى لتغطية راتب المدرب السنوي.
هذا التباين الصارخ يضع إدارة الأهلي أمام مسؤولية ضخمة، ففي حالة عدم تحقيق النجاح المأمول، لن تكون الخسارة فنية فقط، بل ستتحول إلى ضربة اقتصادية قاضية.
إقالة مدرب بهذا الراتب ستعني تحمل النادي تكلفة شرط جزائي باهظ، بالإضافة إلى قيمة الراتب الذي تم دفعه، وهو ما قد يؤثر على ميزانية النادي لسنوات مقبلة، ويحد من قدرته على إبرام صفقات قوية لتدعيم صفوف الفريق.
هل العوائد تبرر التكلفة؟
يعتمد الأهلي في إيراداته على الرعاية والبث التلفزيوني وعوائد البطولات. ورغم تحقيق النادي طفرات مالية في السنوات الأخيرة، إلا أن دفع 5 ملايين يورو كراتب للمدير الفني يمثل إنفاقًا لا يتناسب مع حجم الإيرادات المعتادة في الكرة الأفريقية والمصرية.
هذه الخطوة تبدو وكأنها استيراد لنموذج إنفاق الأندية الأوروبية الكبرى أو الأندية الخليجية دون امتلاك نفس مصادر الدخل الهائلة.
في النهاية، يظل التعاقد مع برونو لاج مغامرة كبرى. إذا نجح في قيادة الفريق لتحقيق طفرة فنية وبطولات كبرى، قد يرى البعض أن الاستثمار كان في محله.
أما إذا فشل، فإن الأهلي لن يندم فقط على فرصة ضائعة، بل سيجد نفسه متورطًا في التزامات مالية قد تكون "الضربة القاضية" التي تهز استقراره الاقتصادي لسنوات طويلة.