آثار تألق النجم المغربي ياسين بونو في كأس العالم للأندية برفقة الهلال السعودي جدلا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالأخص بعدما دخل في مقارنات تخص اسم أفضل حارس أفريقي على الإطلاق.
لم يكن الجدل حول هوية الحارس الأفريقي الأفضل وليد اللحظة، بل أشعل فتيله منشور على "إنستغرام" من الأسطورة المصري عصام الحضري، حمل في طياته مقارنة بدت وكأنها تقلل من شأن الحارس المغربي ياسين بونو وتعظم من مسيرته الشخصية.
ورغم أن الحضري حذف المنشور لاحقاً، ونشر عدة رسائل إشادة وحب لبونو، إلا أن النقاش كان بدأ بالفعل، فاتحاً الباب على مصراعيه لمقارنة بين حقبتين وفلسفتين مختلفتين في عالم حراسة المرمى.
حجة الحضري: إمبراطورية الأرقام والسيطرة القارية
تُبنى أسطورة عصام الحضري، حارس الأهلي ومنتخب مصر الأسبق، على أساس صلب من الأرقام القياسية، والاستمرارية المذهلة، والهيمنة المطلقة على القارة الأفريقية.
مسيرة "السد العالي" التي امتدت لأكثر من عقدين وشملت ما يزيد على 930 مباراة رسمية، هي شهادة على احترافيته وقدرته على العطاء.
على الصعيد الدولي، يُعد الحضري أيقونة للمنتخب المصري، حيث خاض 159 مباراة دولية، الإنجاز الأبرز هو قيادته للفراعنة للفوز بلقب كأس الأمم الأفريقية 4 مرات، منها ثلاثية تاريخية متتالية (2006، 2008، 2010) اختير في كل منها كأفضل حارس في البطولة.
وفي ختام مسيرته، سجل اسمه في تاريخ كأس العالم 2018 عندما أصبح أكبر لاعب يشارك في تاريخ المونديال بعمر 45 عاماً و161 يوماً، وتوج مشاركته بتصديه لركلة جزاء.
أما على مستوى الأندية، فقد صنع مجده مع النادي الأهلي المصري، حيث حصد ما يقارب 26 لقباً، أبرزها: 8 ألقاب للدوري المصري الممتاز، 4 ألقاب لكأس مصر، و4 ألقاب لدوري أبطال أفريقيا.
هذه الأرقام تضعه كملك متوج على عرش القارة، وحجته تكمن في سيطرته الكاملة التي لم يسبقه إليها أحد.
حجة بونو: الجودة العالمية والتألق في القمة
على الجانب الآخر، تروي مسيرة ياسين بونو قصة مختلفة، من الكفاح والمثابرة للوصول إلى أعلى مستويات كرة القدم العالمية.
لم تكن طريقه مفروشة بالورود، بل شقها بصبر من أندية الظل في إسبانيا حتى وصل إلى القمة مع نادي إشبيلية.
إنجازات بونو قد لا تضاهي إنجازات الحضري من حيث الكم (حوالي 9 ألقاب كبرى في مسيرته)، لكنها تتفوق من حيث الجودة والمستوى التنافسي.
أبرز إنجازاته مع إشبيلية هو الفوز بلقب الدوري الأوروبي مرتين (2020 و2023)، وهي بطولة تُعد من أصعب المنافسات في القارة العجوز.
على الصعيد الفردي، حقق إنجازاً تاريخياً بفوزه بجائزة "زامورا" لموسم 2021-2022، التي تُمنح لأفضل حارس في الدوري الإسباني، متفوقاً على حراس عالميين مثل تيبو كورتوا.
أما مع منتخب المغرب، فقد كان بونو حجر الزاوية في الإنجاز المونديالي التاريخي في قطر 2022، حيث قاد "أسود الأطلس" للوصول إلى نصف النهائي، وحافظ على نظافة شباكه في 3 مباريات ضد منتخبات أوروبية كبرى (كرواتيا، بلجيكا، وإسبانيا)، وقدم أداءً أسطورياً في ركلات الترجيح ضد إسبانيا بتصديه لركلتين.
الحكم النهائي: الكم أم الكيف؟
في النهاية، المقارنة بين الحضري وبونو هي مقارنة بين الكم والكيف، بين الهيمنة القارية والجودة العالمية.
الحضري يملك في جعبته ما يقارب 38 لقباً في مسيرته، مقابل حوالي 9 ألقاب لبونو، لكن ألقاب الحارس المغربي تحققت في دوريات ومنافسات تُصنف ضمن الأعلى عالمياً.
الحضري هو رمز الاستمرارية والسيطرة المطلقة على بيئته، أسطورة صنعت مجدها بقهر قارتها مراراً وتكراراً.
أما بونو، فهو رمز الوصول إلى القمة العالمية، ورائد أثبت أن الموهبة الأفريقية يمكنها أن تتفوق في أصعب المحافل.
لذلك، يبقى السؤال حول "الأعظم" مفتوحاً، وتعتمد إجابته على المعيار الذي يفضله كل مشاهد: هل هو حجم الإنجازات أم مستوى المنافسة التي تحققت فيها؟