يعيش نادي ليفربول الإنجليزي واحدة من أحلك فتراته في العقد الأخير، حيث لم تعد الأزمة مقتصرة على تراجع النتائج واحتلال المركز التاسع في الدوري فحسب، بل امتدت لتضرب عمق استقرار غرفة الملابس.
القرار الجريء والصادم الذي اتخذه المدرب الهولندي آرني سلوت باستبعاد النجم الأول للفريق محمد صلاح من قائمة مواجهة إنتر في دوري أبطال أوروبا، حوّل المباراة من مجرد لقاء رياضي إلى "مقامرة كبرى" يضع فيها المدرب رأسه ومنصبه على المحك.
إن العودة من إيطاليا بالهزيمة لن تكون مجرد خسارة ثلاث نقاط، بل ستكون بمثابة الشرارة التي قد تحرق الأخضر واليابس في "أنفيلد"، وتفجر أربع كوارث محققة قد تعصف بموسم الريدز بأكمله.
الكارثة الأولى والأخطر التي قد تترتب على سقوط ليفربول في "سان سيرو" هي فقدان المدرب لسيطرته على غرفة الملابس، وتحديدا قادة الفريق الكبار أمثال فيرجيل فان دايك وأليسون بيكر. هؤلاء اللاعبون الذين عاصروا حقبة الأمجاد يدركون قيمة محمد صلاح ليس فقط كهداف تاريخي، بل كأيقونة للنادي.
رؤية زميلهم يُستبعد ويُعامل بهذه القسوة، ثم يتبع ذلك هزيمة فنية، سيرسل رسالة سلبية للغاية بأن المدرب يضحي برموز الفريق دون أن يمتلك البديل الفني الناجح.
هذا الوضع قد يخلق شرخا عميقا في جدار الثقة بين المدرب واللاعبين الكبار، الذين قد يشعرون بأن دورهم قادم في مقصلة الإقصاء؛ ما يؤدي إلى حالة من التمرد الصامت وفقدان الإيمان بمشروع سلوت.
جماهير ليفربول لا تنسى أساطيرها بسهولة، ومحمد صلاح يتربع على عرش قلوب عشاق الريدز. في حال العودة من ميلانو بهزيمة ثقيلة أو حتى بأداء باهت، فإن سهام النقد ستتوجه مباشرة صوب صدر آرني سلوت وحده.
الجماهير ستعتبر أن استبعاد صلاح كان قرارا شخصانيا نابعا من "الأنا" لدى المدرب وليس لمصلحة الفريق الفنية.
الهزيمة ستكون بمثابة الدليل القاطع للجماهير على صدق تصريحات صلاح بأنه "أُلقي به تحت الحافلة"، وسيتحول الضغط الجماهيري إلى طوفان يطالب برحيل المدرب الذي فشل في احتواء نجمه الأول وفشل في تحقيق النتائج في آن واحد.
توقيت هذه الأزمة يعتبر كارثيا بكل المقاييس، الفريق يعاني محليا ويحتاج إلى كل نقطة وكل تكاتف ممكن للعودة للمربع الذهبي، والدخول في صراع جانبي وتكسير عظام مع نجم الفريق في هذا الوقت الحساس هو بمثابة انتحار كروي.
الخسارة أمام إنتر ستعمق جراح الفريق النفسية، وستجعل التركيز في المباريات القادمة شبه مستحيل وسط ضجيج الإعلام والشائعات.
بدلاً من الحديث عن التكتيك والخطط، سيصبح الحديث الشاغل هو الخلافات والمشاكل؛ ما يشتت ذهن اللاعبين ويحيل موسم ليفربول إلى فوضى عارمة يصعب تداركها.
لعل النتيجة المباشرة والأكثر إيلاما لهذه المقامرة في حال فشلها، هي تسريع وتيرة رحيل محمد صلاح.
الأندية السعودية التي تترقب الوضع عن كثب ستجد في هذه الأزمة وتفاقمها بعد الهزيمة فرصة ذهبية لا تعوض.
الهزيمة ستعني وصول العلاقة بين صلاح وسلوت إلى طريق مسدود يستحيل معه البقاء لنهاية الموسم؛ ما يفتح الباب واسعا لسيناريو الرحيل في انتقالات يناير الشتوية.
ليفربول قد يجد نفسه مضطرا لبيع لاعبه الأول في منتصف الموسم لتفادي خروجه بقيمة أقل وتفادي بقاء "قنبلة موقوتة" داخل الفريق؛ وهو ما يعني خسارة فنية فادحة لا يمكن تعويضها في سوق الانتقالات الشتوية الضيقة.
إن قرار آرني سلوت باستبعاد صلاح هو رهان، المدرب الهولندي الذي قرر أن يفرض سطوته بأسلوب الصدمة، مراهنا على أن الفريق بمن حضر.
لكن كرة القدم لا تعترف بالنوايا بل بالنتائج، فوز ليفربول قد يمنح سلوت الشرعية لإنهاء حقبة صلاح وفرض نظامه الجديد، أما الهزيمة فتعني ببساطة أنه خسر كل شيء: خسر النتيجة، خسر ثقة لاعبيه الكبار، خسر دعم المدرجات، وربما يكون قد كتب بيده نهاية مسيرته مع ليفربول قبل أن تبدأ فعليا، إنها ليلة قد تحدد مصير سنوات قادمة في تاريخ هذا النادي العريق.