في خطوة مفاجِئة وقوية هزت الأوساط الرياضية، اتخذ المدرب المخضرم جورجي جيسوس أول قراراته الصارمة مع نادي النصر السعودي، مستبعدًا اثنين من أكبر الأسماء في الفريق، المدافع الإسباني إيمريك لابورت، ونجم خط الوسط البرتغالي أوتافيو، من حساباته للمرحلة المقبلة.
هذا القرار، الذي يحمل بصمة جيسوس التكتيكية والانضباطية المعروفة، لم يكن مجرد اختيار فني، بل رسالة واضحة بأن عهدًا جديدًا من الجدية المطلقة قد بدأ، وأن الأسماء وحدها لم تعد تكفي لحجز مكان في تشكيلة "العالمي" تحت قيادته.
فما الأسباب التي دفعت الداهية البرتغالي لهذه الإطاحة المدوية؟
1- لا مكان لمن قلبه ليس مع الفريق
لم تكن الأحاديث المستمرة عن رغبة لابورت وأوتافيو في العودة إلى أوروبا مجرد شائعات عابرة بالنسبة لجيسوس، فبمجرد وصوله، وضع المدرب قاعدة أساسية: الولاء الكامل للمشروع هو شرط لا يقبل التفاوض.
معرفته بوجود رغبة لدى أي لاعب بالرحيل، حتى لو كان مرتبطًا بعقد، تعتبر في فلسفته سببًا كافيًا للإقصاء. يرى جيسوس أن بناء فريق بطل يبدأ من غرفة ملابس صافية ذهنيًا، وأي لاعب يفكر في مستقبله خارج أسوار النادي هو نقطة ضعف محتملة قد تؤثر في تركيز المجموعة بأكملها. لذا، كان قراره حاسمًا، من لا يريد البقاء بكل جوارحه، فالباب مُشرع أمامه.
2- الشغف والالتزام أولًا
يشتهر جيسوس بأنه مدرب لا يتسامح مع التهاون أو نقص الشغف، بالنسبة له، الموهبة وحدها لا تصنع الانتصارات، بل الالتزام التام بتعليماته والرغبة في القتال على كل كرة، لقد شعر جيسوس أن وجود لابورت وأوتافيو، في ظل عدم اليقين حول مستقبلهما، قد يخلق حالة من عدم الاستقرار.
هو بحاجة ماسة إلى لاعبين "مقاتلين" على أرض الملعب، يضعون شعار النادي فوق كل اعتبار شخصي، قراره باستبعادهما هو تطبيق عملي لهذه الفلسفة، وتأكيد أن من يريد اللعب تحت قيادته يجب أن يكون مستعدًا لتقديم كل شيء للفريق.
3- الفريق لمن يستحقه داخل الملعب
يبني جيسوس قراراته على ما يراه في التدريبات وفي الملعب، وليس على الأسماء أو العقود، هو يريد لاعبين يفرضون أنفسهم بقوة الأداء والجاهزية، لاعبين "جائعين" لتحقيق الألقاب.
من وجهة نظره، فإن أي لاعب لا يظهر هذا الجوع أو لا يصل إلى قمة مستواه البدني والذهني لا مكان له في خططه، بغض النظر عن قيمته السوقية.
يهدف هذا القرار إلى خلق منافسة شرسة بين جميع اللاعبين، وإيصال رسالة بأن المكانة في الفريق تُكتسب بالعطاء والتضحية، ولا تُمنح كهدية.
4- شهادة فنية من مقاعد الخصم سابقًا
قبل توليه المسؤولية، كان جيسوس هو الشاهد الأفضل على أداء النصر من مقاعد بدلاء المنافس. لقد رأى بعينيه مباشرةً تذبذب مستوى لابورت وأوتافيو في المباريات الكبرى.
سجل ملاحظاته حول نقاط الضعف الدفاعية في وجود لابورت، ولاحظ كيف يختفي بريق أوتافيو أحيانًا في معارك خط الوسط الحاسمة.
هذه الرؤية الفنية الثاقبة كخصم سابق منحته تقييمًا دقيقًا ومجردًا من العواطف، والآن كمدرب للفريق، هو يترجم هذه الملاحظات إلى قرارات فعلية، أولها كان استبعاد النجمين اللذين لم يقنعاه فنيًّا في اللحظات الأكثر أهمية.