بينما تترقب الجماهير المصرية بحذر تفاصيل مفاوضات انتقال الموهبة الشابة حمزة عبد الكريم من النادي الأهلي إلى برشلونة الإسباني، يبرز التخوف المعتاد: "هل الانضمام للفريق الرديف (برشلونة أتلتيك) خطوة للوراء؟". لكن في إقليم كتالونيا، الواقع مغاير تماماً؛ فاللعب للفريق الثاني ليس مجرد محطة انتظار، بل هو "بوابة العبور" التي صنعت أساطير النادي.
حمزة الآن لا يقف أمام المجهول، بل يقف أمام خريطة طريق واضحة المعالم، رسمها ثلاثة نجوم ساروا في دروب مختلفة داخل أكاديمية "لا ماسيا"، ووصلوا جميعاً للنتيجة ذتها: المجد بقميص "البلوغرانا". هؤلاء النجوم يقدمون للفرعون الصغير "الكتالوج" المثالي للنجاح.
بيدرو رودريغيز.. درس "العمل الصامت"
الدرس الأهم لحمزة يأتي من الماضي القريب، وتحديداً من "بيدرو"، هذا الجناح الطائر الذي جاء من نادٍ مغمور في جزر الكناري (سان إيسيدرو) وهو في سن السابعة عشرة (نفس عمر حمزة تقريباً)، بيدرو لم يبدأ مع الفريق الأول، بل لعب للفريق الثالث ثم الرديف، وكان بعيداً عن الأضواء تماماً.
لكنه بالعمل الشاق والصبر، أجبر بيب غوارديولا على تصعيده، ليتحول من لاعب درجة ثالثة إلى اللاعب الوحيد في التاريخ الذي سجل في 6 بطولات مختلفة في موسم واحد.
رسالة بيدرو لحمزة هي: "لا يهم أين تبدأ، المهم كيف تنهي الرحلة. الرديف هو المكان الذي تُصنع فيه شخصية البطل".
رونالد أراوخو.. درس "التأقلم والصبر"
النموذج الأكثر واقعية لحمزة هو المدافع الأوروغواياني رونالد أراوخو، جاء غريباً عن الكرة الإسبانية، ولعب موسمين كاملين مع الرديف، لم يشتكِ، ولم يستعجل، بل استغل تلك الفترة ليتعلم لغة النادي الكروية ويطور جسده وعقليته.
حمزة، القادم من ثقافة كروية مختلفة في مصر، سيحتاج لمسار أراوخو ذاته، فترة انتقالية في الرديف لامتصاص صدمة البداية، ثم الانقضاض على الفرصة ليصبح ركيزة أساسية، أراوخو أثبت أن الطريق الأطول هو أحياناً الأكثر أماناً وثباتاً.

بيدري.. درس "اغتنام اللحظة"
المسار الثالث هو "الحلم"، مسار الفتى الذهبي بيدري، رغم ندرة تكراره، إلا أنه يظل قائماً. بيدري جاء موهوباً، وفي أول تدريب مع الكبار أثبت أنه ينتمي لهذا المستوى، فتم إلغاء فكرة الرديف فوراً.
حمزة يمتلك ميزة قد تساعده على تكرار جزء من هذا السيناريو، وهي مركزه كـ "مهاجم صريح"، برشلونة يعاني فقراً في هذا المركز بقطاع الناشئين، وإذا أظهر حمزة شراسة تهديفية استثنائية فور وصوله، قد يجد نفسه يتدرب بجوار ليفاندوفسكي أسرع مما يتخيل الجميع.

الخلاصة
انتقال حمزة عبد الكريم لرديف برشلونة هو "فرصة العمر" المدروسة بعناية، سواء سلك طريق بيدرو في الكفاح من القاع، أو طريق أراوخو في التطور الهادئ، أو حتى فاجأ الجميع بمسار بيدري، فإن النتيجة واحدة: أبواب ملعب "كامب نو" مفتوحة لمن يملك الموهبة والعقلية. الكرة الآن في ملعب الموهبة المصرية لكتابة اسمه بجوار هؤلاء العظماء.