للوهلة الأولى، بدت نتيجة القرعة الأفريقية كارثية؛ إذ وقوع الأهلي المصري في مجموعة الموت بدوري أبطال أفريقيا، بجانب منافسين أقوياء وعنيدين، جعل الجماهير تضع يدها على قلبها، خوفًا من تكرار كبوات الماضي القريب.
لكن في مفارقة غريبة، قد تكون هذه القرعة القاسية هي أفضل ما حدث للأهلي هذا الموسم، وهي فرصة العمر التي يحتاجها الفريق لاستعادة هويته المفقودة؛ لأن المرض الحقيقي الذي يعاني منه الأهلي حاليا، لن تعالجه المباريات السهلة.
المشكلة الكبرى التي تواجه الأهلي هذا الموسم ليست فنية بقدر ما هي نفسية. فالفريق يعاني من لعنة الثقة الزائدة؛ حالة من التراخي أصابت اللاعبين، وشعور دائم بأنهم قادرون على الفوز في أي وقت وبأقل مجهود. هذا الشعور تعزز بدعم الفريق بأسماء رنانة كلما سنحت الفرصة، وبدأ يظهر في الأداء الباهت والاعتماد على الحلول الفردية بدلاً من المنظومة الجماعية.
لو كان الأهلي قد وقع في مجموعة سهلة، لكان هذا المرض تفاقم، ومن ثم تصبح المباريات مجرد تحصيل حاصل، وسيزداد شعور اللاعبين بأنهم أكبر من البطولة، وهو ما كان سيؤدي حتما إلى كارثة في الأدوار الإقصائية عندما يصطدمون بأول اختبار حقيقي.
هنا يأتي دور مجموعة الموت كعلاج بالصدمة. هذه المجموعة ستجبر لاعبي الأهلي على التخلص من حالة التراخي فورا. لم يعد هناك مجال للعب بنصف مجهود أو الاستهتار بالخصوم. كل مباراة في هذه المجموعة ستكون بمثابة نهائي كأس، وستتطلب أعلى درجات التركيز الذهني والبدني.
ستجبر هذه المواجهات القوية المدرب واللاعبين على رفع درجة الحذر إلى أقصاها. سيعود الفريق للعب ككتلة واحدة، وسيختفي الغرور ليحل محله الاحترام للمنافس، وهو ما افتقده الفريق مؤخرا. إنها الفرصة الذهبية لإعادة ضبط المصنع لعقلية اللاعبين، وتذكيرهم بأن البطولات لا تأتي بالأسماء، بل بالقتال في الملعب.
إن الخطر الأكبر على الأهلي لم يكن يوما مواجهة خصم قوي، بل كان مواجهة خصم ضعيف يمنحه شعورا زائفا بالقوة. مجموعة الموت ستجبر الفريق على النظر في مرآته، ومواجهة عيوبه الحقيقية مبكرا. ستجبر المدرب على إيجاد حلول تكتيكية حقيقية بدلا من الاعتماد على الفرديات، وستجبر اللاعبين الذين يتقاضون الملايين على تبرير قيمتهم في الملعب.
قد تكون مجموعة الموت هي النعمة المقنعة التي كان يحتاجها الأهلي. فبدلاً من أن تزيد المجموعة السهلة من مرض التراخي، جاءت هذه المجموعة الصعبة لتقدم العلاج الفوري. ستكون هذه المباريات بمثابة فترة إعداد قاسية، ستجبر الأهلي على استعادة شخصيته الحقيقية مبكرا، أو مواجهة فضيحة الخروج المبكر. وفي كلتا الحالتين، سيعرف الفريق حجمه الحقيقي قبل فوات الأوان.
