لم تكن صافرة النهاية في ملعب توتنهام مجرد إعلان عن فوز ليفربول بنتيجة 2-1، بل كانت أشبه بإنهاء حالة اختناق عاشها جمهور الريدز طوال 90 دقيقة.
ظاهرياً، حصد الفريق ثلاث نقاط ثمينة في سباق الدوري الإنجليزي، وسجل الوافدان الجديدان ألكسندر إيزاك وهوغو إيكيتيكي اسميهما في قائمة الهدافين.
لكن واقعياً، كشفت المباراة عن وجه قبيح ومقلق لكتيبة المدرب آرني سلوت في أول اختبار حقيقي بدون النجم الأول محمد صلاح، المغادر للمشاركة في كأس الأمم الأفريقية.
الفوز جاء بصعوبة كبيرة وتخللته فترات من الرعب الكروي غير المبرر أمام خصم لعب منقوصاً لأكثر من ساعة، وانتهى به الحال بتسعة لاعبين فقط، هذا الأداء الهزيل طرح تساؤلات مخيفة: هل ليفربول بدون صلاح فريق بلا أنياب حقيقية حتى لو سجل؟
بطء التحضير.. غياب الزئبق المصري
أول ما صدم الجمهور هو الإيقاع الرتيب والممل الذي سيطر على الفريق، اعتاد ليفربول في وجود صلاح على التحولات الخاطفة؛ تمريرة واحدة من الخلف لصلاح كفيلة بضرب أي دفاع.
في غيابه اليوم، ظهر الفريق عاجزاً عن بناء هجمة سريعة. الكرة تدور من اليمين لليسار في تحضير مبالغ فيه، مما منح دفاع توتنهام الفرصة للتمركز وإغلاق المساحات بسهولة.
غياب صلاح لم يكن غياباً لهداف فقط، بل غياباً لمحرك اللعب الذي يمنح الفريق السرعة والجرأة. بدت منظومة ليفربول كسيارة فاخرة تسير بمحرك معطل؛ استحواذ سلبي بلا خطورة حقيقية على المرمى، وهو ما جعل المشاهدين يشعرون بأن الفريق فقد هويته الشرسة.
فضيحة النقص العددي.. عندما يلعب الخصم وكأنه كامل العدد
النقطة الأكثر إثارة للقلق كانت عجز ليفربول الفادح عن استغلال طرد تشافي سيمونز المبكر. أبجديات الكرة تقول إن اللعب ضد 10 لاعبين يعني توسيع الملعب واستنزاف الخصم بدنياً لزيادة الغلة التهديفية، لكن ما حدث هو العكس.
توتنهام، رغم النقص، بدا أكثر تنظيماً وشجاعة، بينما وقف ليفربول عاجزاً عن قتل المباراة. بدلاً من البحث عن الثالث والرابع لإخراس الخصم، اكتفى اللاعبون بتمريرات قصيرة غير مجدية، وكأنهم ينتظرون صافرة النهاية من الدقيقة 60.
هذا العجز يثبت أن شخصية البطل في ليفربول مرتبطة بشكل مخيف بوجود صلاح، القائد الذي لا يرحم الخصوم المترنحين حتى في أسوأ أيامه.
التراجع الغريب.. رعب الدقائق الأخيرة
قمة المأساة تجلت في الدقائق العشر الأخيرة. بعد هدف ريشارليسون وتقليص الفارق، تحول ليفربول إلى فريق صغير يدافع باستماتة عشوائية داخل منطقة جزائه.
مشهد فان دايك وكوناتي وهما يشتتان الكرات بلا هدف أمام فريق مطرود منه لاعب (قبل طرد روميرو المتأخر) كان كافياً لإشعار الجمهور بالرعب.
كيف لفريق ينافس على اللقب أن يرتجف خوفاً أمام خصم يلعب بتسعة لاعبين في اللحظات الأخيرة؟ هذا التراجع كشف عن هشاشة ذهنية واضحة؛ فغياب صلاح لم يسحب الأهداف فقط، بل سحب الثقة والهدوء من زملائه، وتركهم فريسة لضغط نفسي كاد يكلفهم النقاط الثلاث.
الخلاصة
فاز ليفربول رقمياً، لكنه خسر معنوياً. المباراة كانت جرس إنذار شديد اللهجة: إذا كان هذا هو حال الفريق أمام توتنهام المتهالك والمنقوص، فكيف سيكون الحال أمام مانشستر سيتي أو أرسنال؟
يبدو أن شهر يناير سيكون طويلاً جداً وقاسياً على عشاق الريدز، الذين تأكدوا اليوم أن فريقهم بدون الملك المصري يفقد نصف قوته، وربما كل هيبته.