في ليلة ظن فيها الكثيرون أن "العميد" سيسقط لا محالة أمام الرياض، أثبت نادي الاتحاد أن معدن الكبار يظهر في الأوقات الحالكة.
مباراة الأمس ضد الرياض لم تكن مجرد 90 دقيقة في الدوري السعودي، بل كانت ملحمة كروية خاضها الفريق وهو منقوص العدد، ليخرج بانتصار ثمين بوزن الذهب.
لكن العنوان الأبرز لهذه الليلة لم يكن الفوز فحسب، بل كان الفرنسي كريم بنزيما، قائد الاتحاد، الذي قرر أن يكتب سيناريو خاصاً جداً، موجهاً رسالة شديدة اللهجة لمن يهمه الأمر داخل أروقة النادي.
انتصار بروح النمور رغم النقص
بداية المباراة لم توحِ بهذا السيناريو الدرامي؛ طرد مبكر وصعوبات فنية وضعت الاتحاد تحت مقصلة الضغط. ومع ذلك، تماسك الفريق، وقاتل اللاعبون على كل كرة، ليخطفوا فوزاً يبرهن على الشخصية القوية للفريق.
ولكن خلف هذا الفوز الجماعي، كانت هناك معركة فردية صامتة يخوضها قائد الفريق، كريم بنزيما، ضد تيار جارف من الأخبار والتسريبات التي استهدفت مستقبله في الآونة الأخيرة.
مشروع سندي وتجميد الكبار
تأتي هذه المباراة في توقيت حساس للغاية، يتزامن مع تصريحات فهد سندي، رئيس النادي، حول خطة الإحلال والتجديد التي تتبناها الإدارة للموسم القادم، الأجواء في جدة ملبدة بغيوم الشك، خاصة بعد تسرب أخبار مؤكدة عن تأجيل ملف تجديد عقود الثلاثي الكبير التي تنتهي بنهاية الموسم الجاري: فابينيو وكانتي وبنزيما، إلى وقت لاحق.
الرسالة الضمنية من الإدارة كانت واضحة: هناك رغبة في ضخ دماء شابة، وهناك تلميحات بأن الحرس القديم، وعلى رأسهم بنزيما، قد لا يكونون جزءاً من مشروع الاتحاد الجديد. الانتقادات طالت النجم الفرنسي تحديداً، مع تحميله جزءاً كبيراً من مسؤولية أي تراجع، وكأن الإدارة تمهد الأرضية لرحيل هادئ أو إجباري بنهاية الموسم.
الرد العملي: أنا هنا.. والمشكلة ليست بي
وسط هذا الضجيج، اختار بنزيما الصمت الإعلامي، لكنه زأر في الملعب، هدف الأمس لم يكن مجرد رقم يُضاف لسجله التهديفي، ولم يكن مجرد كرة هزت الشباك؛ بل كان ضربة قاضية لمبررات الإدارة.
عندما احتاج الفريق قائدا يحمل العبء في ظل النقص العددي، ظهر بنزيما بأداء بدني وفني عالٍ، محطماً أسطورة تقدم العمر أو تراجع الشغف. تحركاته، وصناعته للعب، وإنهاؤه للهجمة بهدف الفوز، كلها كانت تقول جملة واحدة: أنا ما زلت الحل، ولست المشكلة.
خلط أوراق الإدارة
ما فعله بنزيما يضع إدارة الاتحاد وفهد سندي في موقف لا يحسدون عليه، فكيف يمكن تبرير الاستغناء عن لاعب يحسم المباريات الصعبة وهو يحمل شارة القيادة وسط ظروف معاكسة؟
هذا الهدف هو رد اعتبار شخصي لكريم، ورسالة مفادها أن مشروع التجديد لا يجب أن يُبنى على أنقاض النجوم الذين ما زالوا يملكون القدرة على العطاء. بنزيما أمس، وبشكل عملي، أحرج منتقديه وأجبر الإدارة على إعادة حساباتها؛ فالتجديد مطلوب، ولكن ليس على حساب الجودة والشخصية التي لا تُشترى بالمال.
باختصار، بنزيما لم يكسب ثلاث نقاط للاتحاد فقط، بل كسب جولة مهمة في معركة بقائه، وأثبت أن مشروع الاتحاد الجديد قد يحتاج إلى إعادة نظر إذا كان ينوي التخلي عن "الحكومة".