مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
نظرية المؤامرة هي الملح الذي يُباع به شغف كرة القدم. منذ سنوات، وتحديداً منذ الخطيئة الأصلية التي ارتكبها سيب بلاتر بوصفه كريستيانو رونالدو بالعسكري واعترافه بتفضيله لميسي، ترسخت قناعة لدى قطاع كبير من الجماهير بأن الفيفا يتحيز للأرجنتيني.
ووصل هذا التشكيك إلى ذروته في قطر 2022. ميسي فتى الفيفا المدلل، كان هذا هو العنوان العريض لبطولة بدت وكأنها مُعدة لخدمة السردية المثالية: الأسطورة يرفع الكأس في ختام مسيرته. ومع كل ركلة جزاء، كان صوت المؤامرة يعلو، متهماً جياني إنفانتينو بهندسة اللقب الأغلى لميسي.
الآن، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، ولكن بتبديل البطل، فمع اقتراب مونديال 2030، الذي ستشارك البرتغال في استضافته، ومع كل نجاح يحققه كريستيانو رونالدو بدأت الهمسات تتحول إلى نظريات: هل حان دور الفيفا لرد الجميل للبرتغالي؟
وقود هذه النظرية كان فيديو التهنئة الأخير من إنفانتينو، الذي أشاد فيه بالبرتغال ورونالدو، بالنسبة للمشككين، هذا هو الدليل الأول على أن الطبخة قد بدأت، وأن الفيفا يجهز المسرح لـ هدية وداعية لرونالدو تماماً كما فعل مع ميسي.
أولاً، يجب وضع فيديو إنفانتينو في حجمه الطبيعي. هذا الفيديو لا يتخطى مجرد تهنئة بروتوكولية. رئيس الفيفا أصدر العشرات من الفيديوهات المماثلة على مدار سنوات، مهنئاً أندية ومنتخبات بتحقيق نجاحات معينة، خاصة تلك التي ترتبط بعلاقات استراتيجية مع الفيفا. إنه جزء أساسي من العلاقات العامة التي يديرها، وليس شفرة سرية.
ثانياً، وهو الأهم، فكرة أن الفيفا سيهدي بطولة بحجم كأس العالم هي فكرة تضرب المنطق التجاري في مقتل، الفيفا ليست مؤسسة خيرية، بل هي إمبراطورية مالية، إن محاولة التأثير في نتيجة بطولة بهذا الحجم، يعني أن إنفانتينو يضرب سمعة اتحاده الدولي.
إنه يخاطر بكل شيء، المعلنون والممولون الذين يضخون المليارات، لا يدفعون لرعاية مسرحية مرتبة مسبقاً، بل لرعاية المنتج الأكثر مشاهدة ومصداقية في العالم. أي تلاعب يعني انتحارا ماليا وإداريا.
التفسير بسيط ولا علاقة له بالمؤامرة: التسويق والعلاقات العامة، من الطبيعي جداً أن يتحدث رئيس الفيفا بشيء من اللطف للبلد الذي سيستضيف (جزئيًا) كأس العالم 2030 ويهنئهم على الصعود لبطولة 2026. إنه يلمع الواجهة، ويبني الإثارة لبطولته القادمة والتي تليها، خاصة وأن بطلها هو الأيقونة العالمية كريستيانو رونالدو.
الخلاصة أن الفيفا لا يهدي الكؤوس. لقد تغذت نظرية ميسي على أخطاء بلاتر القديمة، وتتغذى نظرية رونالدو على فيديو تهنئة عادي. لكن في الحقيقة، الفيفا أذكى من أن يذبح البقرة الحلوب (كأس العالم) من أجل خاتمة عاطفية لأي أسطورة.