لا يعيش نادي ليفربول حالة ذعر، لكن المؤكد أنه يفكر بجدية في المستقبل، ورغم أن الدولي المصري محمد صلاح لا يزال عنصرًا حاسمًا وقادرًا على حسم المباريات بمفرده، فإن طبيعة الحديث حوله بدأت تتغير.
لم يعد النقاش يقتصر على عدد الأهداف أو المستوى الحالي، بل بات يدور حول عامل التوقيت، والاستمرارية، ومدى قدرة الفريق على الحفاظ على مستواه العام على المدى المتوسط والطويل.
هذا التحول في النظرة يُعد مؤشرًا مهمًا، فالأندية الكبرى نادرًا ما تنتظر حتى يصبح التراجع واضحًا قبل التحرك، ويبدو أن ليفربول يخطط بهدوء قبل أن تفرض عليه الظروف قرارات اضطرارية، ولهذا تبدو تحركاته في سوق الانتقالات أقل انفعالًا وأكثر استشرافًا للمستقبل، وهو غالبًا ما يسبق التحولات الكبرى.
لماذا يبدو وضع صلاح مختلفًا الآن؟
شكّل تأثير محمد صلاح حقبة كاملة في تاريخ ليفربول الحديث، فقد أسهم ثبات مستواه، وقدرته البدنية العالية، وإنتاجيته المستمرة في قيادة الفريق عبر مراحل مختلفة. ونادرًا ما شهد الدوري الإنجليزي الممتاز لاعبًا بهذه الدرجة من الموثوقية لفترة طويلة.
لكن الموسم الحالي حمل بعض التغيرات الطفيفة. لا يزال تأثيره حاضرًا في لحظات حاسمة، لكنه لم يعد بالزخم ذاته على مدار المباراة كاملة، ومع إضافة عامل العمر، وضغط المشاركات، وبعض التوترات التي ظهرت خلف الكواليس، يصبح من المنطقي أن يبدأ ليفربول في التفكير بما هو قادم.
فاستبدال محمد صلاح بشكل مباشر يبدو أمرًا غير واقعي، بينما التحضير لهوية هجومية مختلفة أكثر عقلانية.
لماذا دخل نيكو ويليامز على الخط؟
في هذا السياق، يمكن فهم اهتمام ليفربول بنيكو ويليامز، جناح أتلتيك بلباو، فهو يقدم نوعًا مختلفًا من الخطورة، يعتمد على السرعة، والاتساع، والانطلاقات المباشرة، أكثر من كونه جناحًا هدافًا بالمعنى التقليدي.
هو لاعب يرفع إيقاع اللعب، ويدفع المدافعين للتراجع، ويفتح المساحات أمام زملائه، ما قد يغيّر من شكل بناء الهجمات لدى ليفربول، ويجعلها أقل قابلية للتوقع، وهو ما افتقده الفريق في بعض فترات الموسم.
كما أن وجود شرط جزائي واضح في عقد اللاعب يجعل الصفقة، إن تمت، أكثر بساطة من حيث الإجراءات، دون مفاوضات طويلة أو حالة عدم يقين، وهو ما يمنح ليفربول وضوحًا كاملًا بشأن متطلبات التعاقد.
وإذا تحرك النادي لضم ويليامز، فلن يكون الهدف إيجاد "محمد صلاح جديد"، بل إعادة توزيع مركز الثقل الهجومي، وهو ما يتماشى مع فلسفة المدرب آرني سلوت.
رؤية سلوت وهوية هجومية جديدة
يعتمد سلوت على أسلوب قائم على الحركة الجماعية والهجوم المنظم، دون الارتكاز على لاعب واحد لقيادة الخط الأمامي، ويبدو ويليامز ملائمًا لهذه الفلسفة أكثر من أي بديل يحاول تقليد دور صلاح حرفيًا.
سيكون ذلك تغييرًا في الهوية الهجومية، لكنه ليس انقلابًا جذريًا على شخصية الفريق.
ماك أليستر والحفاظ على توازن الفريق
وبينما يخطط ليفربول لتغييرات محتملة في الخط الأمامي، فإنه يحرص في الوقت ذاته على عدم إضعاف الفريق في مراكز أخرى، فقد مر أليكسيس ماك أليستر بموسم متقلب بسبب الإصابات، لكن قيمته الفنية لم تتراجع.
تأثر إيقاعه، لا دوره، وتشير التحركات الأولية بشأن مستقبله التعاقدي إلى أن النادي لا يزال يعتبره عنصرًا أساسيًا في مشروعه، وهو ما يمنح الاستقرار اللازم عند التفكير في تغييرات أكبر حوله.
في المحصلة، لا يسعى ليفربول إلى استبدال محمد صلاح بين ليلة وضحاها، بل يستعد بهدوء لما هو قادم، التوجه نحو لاعب مثل نيكو ويليامز يعكس رغبة في إعادة تشكيل الهجوم لا نسخه، ومع الحفاظ على ركائز الفريق الأساسية، يبدو المشهد أقرب إلى تخطيط مدروس في توقيت مناسب، لا إلى رد فعل متأخر أو قرار متسرع.
