في عالم كرة القدم الحديثة، هناك لاعبون يمكن تعويضهم بالمال، وآخرون يمكن تعويضهم بتغيير الرسم التكتيكي، وهناك فئة ثالثة نادرة يترك رحيلها فراغا لا يُسد بسهولة.
البرتغالي روبن نيفيز ينتمي بلا شك لهذه الفئة الأخيرة. ومع تزايد الأنباء التي تؤكد اقتراب نهاية رحلة الذئب البرتغالي مع الهلال في الميركاتو الشتوي، لا يبدو أن القلق الجماهيري نابع فقط من خسارة نجم عالمي، بل من إدراك عميق بأن منظومة الزعيم المتماسكة مهددة بـ 4 خسائر كبرى قد تعصف باستقرار الفريق فيما تبقى من الموسم.
1. فقدان المايسترو وضابط الإيقاع
الخسارة الأولى والأكثر فداحة هي فنية بحتة. نيفيز لم يكن مجرد لاعب وسط يقطع الكرات؛ بل كان عقل الفريق والمايسترو الذي يتحكم في رتم اللعب.
قدرة نيفيز على الخروج بالكرة من المناطق الخلفية تحت الضغط العالي كانت المتنفس الأول لدفاع الهلال. هو من يقرر متى يسرّع الفريق اللعب بتمريرة طولية كاسرة للخطوط، ومتى يهدئ النسق للاستحواذ وحرمان الخصم من الكرة.
غيابه يعني فقدان البوصلة في وسط الملعب، وهو ما سيضع عبئا ثقيلا على المدافعين وسافيتش في عملية البناء، وقد يفقد الهلال سلاسته المعهودة في التدرج بالكرة.
2. غياب الحلول الهجومية (أرقام مرعبة للاعب وسط)
عندما نتحدث عن لاعب ارتكاز أو محور فإننا عادة لا ننتظر مساهمات تهديفية غزيرة. لكن نيفيز كسر هذه القاعدة مع الهلال. بلغة الأرقام، ساهم نيفيز في 39 هدفاً (سجل 14 وصنع 25)، وهي إحصائية تضاهي أرقام الأجنحة والمهاجمين في أندية أخرى.
رحيله يعني خسارة سلاح التصويب بعيد المدى الذي طالما فك شفرات التكتلات الدفاعية الصعبة، وخسارة دقة الكرات الثابتة والركنيات التي كانت مصدر خطورة دائما للزعيم. تعويض هذه الإنتاجية الغزيرة من مركز وسط الملعب هو أمر شبه مستحيل.
3. مهمة مستحيلة في ميركاتو الشتاء
توقيت الرحيل هو الكارثة الثالثة. فسوق الانتقالات الشتوية تعرف عالميا بأنها سوق الطوارئ، حيث تتمسك الأندية الكبرى بنجومها ولا تتخلى عنهم إلا بمبالغ فلكية.
العثور على لاعب بجودة نيفيز، يمتلك الخبرة الدولية، والنضج التكتيكي، والقدرة على القيادة، ومتاح للبيع في منتصف الموسم، هو درب من دروب الخيال.
أي بديل سيأتي سيحتاج وقتاً للتأقلم والانسجام، وهو رفاهية لا يملكها الهلال المنافس على جميع الجبهات المحلية والقارية. المغامرة ببديل أقل جودة قد تكلف الفريق خسارة ألقاب في الأمتار الأخيرة.
4. أخيراً، الخسارة المعنوية. لقد بنى جورج جيسوس منظومة حديدية تعتمد على التناغم بين العناصر، وكان نيفيز أحد الجنرالات الذين يعتمد عليهم جيسوس لفرض شخصيته في الملعب وغرفة الملابس.
رحيل ركيزة أساسية في منتصف الموسم يرسل رسالة سلبية لباقي اللاعبين وقد يهز الثقة داخل المجموعة. التفاهم التخاطري بين نيفيز وسافيتش لم يُبْنَ في يوم وليلة، وتفكيك هذا الثنائي بخلع ضلعه الأهم قد يؤدي لاهتزاز تكتيكي ونفسي يصعب تداركه سريعاً.
