لا يختلف اثنان على أن الشاشة تُعد من أبرز عناصر تجربة الحاسوب، سواء في الألعاب أم العمل أم الترفيه، ومع ذلك، فإن شراء شاشة جديدة دون الوقوع في فخ التسويق المضلل أسهل قولًا من فعل.
وتميل شركات التصنيع إلى تضخيم المواصفات الأساسية وتصويرها على أنها ميزات "ثورية"، بينما يفتقر معظم المستخدمين العاديين إلى المعرفة التقنية الكافية لتحديد ما هو مهم فعليًا.
في هذا السياق، تستغل بعض الشركات الثغرات التسويقية لعرض مواصفات ظاهرها مثير، لكنها في الجوهر لا تضيف قيمة حقيقية، إليك أبرز هذه الأساليب التي تُستخدم لتضليل المستهلكين:
في عام 2025، أصبحت الحواف السميكة شيئًا من الماضي، والشركات تدرك جيدًا أن المستهلكين يبحثون عن التصميمات العصرية، لكن بدلًا من تقديم شاشات فعليًا بلا حواف، تلجأ الشركات إلى استخدام مصطلحات مثل "إطار صفري"، أو "تصميم بلا حواف"، مع صور ترويجية توحي بأن الصورة تمتد حتى الحافة، في حين أن الواقع غير ذلك تمامًا.
في الحقيقة، لا وجود فعليًا لشاشة "بلا حواف" بالكامل، فالحواف -مهما كانت رفيعة- ضرورية من الناحية البنيوية لتثبيت اللوحة، وعند استلام المنتج، يُفاجأ الكثيرون بأن الحواف ظاهرة بوضوح، وغير قابلة للاستخدام، على عكس ما أُوحي لهم في الصور الدعائية.
غالبًا ما تُروج مكبرات الصوت المدمجة على أنها إضافة مريحة، إلا أن الواقع يشير إلى ضعف أدائها من حيث القوة والوضوح، فهي لا تُناسب سوى الاستخدامات البسيطة مثل مكالمات الفيديو أو الاستماع العرضي، بينما يلجأ المستخدمون الجادون إلى مكبرات خارجية أو سماعات رأس ذات جودة عالية.
أما ميزة "حماية العين"، التي يُفترض أنها تقلل من الضوء الأزرق الضار، فلا تتعدى كونها فلترًا لونيًا دافئًا يمكن تفعيله يدويًا من نظام التشغيل مثل Windows، دون الحاجة لشراء شاشة تحتوي على هذه "الميزة". ومع ذلك، تدرجها الشركات ضمن قائمة الفوائد لتبرير السعر أو لإضفاء قيمة شكلية على المنتج.
إحدى الحيل التسويقية الشائعة هي عرض نسبة تباين ديناميكي مبالغ فيها، مثل 8,000,000:1، لإيهام المستهلك بجودة صورة خارقة، لكن الحقيقة أن ما يهم فعليًا هو نسبة التباين الأصلية، التي تُقاس بمدى قدرة الشاشة على إظهار درجات اللون الأبيض والأسود في المشهد نفسه.
أما نسبة التباين الديناميكي، فتُحسب بمقارنة مشهد ساطع مع آخر مظلم تمامًا، ما يؤدي إلى أرقام لا علاقة لها بالجودة الفعلية أثناء الاستخدام الحقيقي. لذلك، يُنصح بتجاهل هذا الرقم تمامًا عند تقييم جودة الشاشة.
في ظل الاهتمام المتزايد بمحتوى HDR، تسارع الشركات إلى ترويج شاشاتها بشهادات مثل DisplayHDR 400، وكأنها تقدم تجربة HDR متكاملة، إلا أن هذه الشهادة، رغم اسمها الرنان، لا تضمن الأداء المرجو.
فلعرض HDR بشكل مناسب، تحتاج الشاشة إلى سطوع عالٍ، وتدرج لوني واسع، وتقنية تعتيم محلية (Local Dimming)، وهي مواصفات لا تتوفر بالضرورة في جميع الشاشات الحاصلة على HDR 400. ونتيجة لذلك، قد تكون التجربة النهائية محبطة، رغم وجود الشهادة.
العبارة التسويقية "1 مللي ثانية" أصبحت شائعة للغاية، لكنها لا تعني ما قد يتصوره المستهلك، فغالبًا ما يُقاس زمن الاستجابة وفق معيار الرمادي إلى الرمادي (GTG)، وهو لا يعكس الوقت الفعلي الذي تستغرقه الشاشة في الانتقال بين ألوان مختلفة.
وبينما يُفترض أن زمن الاستجابة المنخفض يُقلل من ضبابية الحركة، فإن الرقم المسوق لا يضمن تجربة أفضل، خاصة في الشاشات الاقتصادية التي قد تعاني من ظاهرة الظلال أو التموجات، رغم وجود "1ms" على العلبة.
رغم أن HDMI 2.1 يقدم مزايا تقنية مهمة، مثل دعم معدلات تحديث أعلى ودقة 4K/120Hz، إلا أن العديد من الشاشات لا تطبق المعيار بالكامل، بعض الطرازات تُدرج HDMI 2.1 ضمن المواصفات، لكنها تفتقر لميزات رئيسة مثل VRR أو ALLM، ما يجعل الدعم غير مكتمل.
والمشكلة أن المعيار لا يتطلب من الشركات التحقق من التوافق الكامل، ما يفتح الباب أمام استخدام الاسم كأداة تسويقية فقط، دون توفير تجربة HDMI 2.1 حقيقية.
مؤخرًا، بدأت الشركات في التنافس على تقديم شاشات بمعدلات تحديث عالية جدًا تصل إلى 360، 480، وحتى 500 هرتز، وهو إنجاز تقني بلا شك، لكن السؤال هو: من يستفيد فعليًا من هذه الأرقام؟
في الواقع، حتى في عام 2025، تبقى شاشات 144 هرتز أكثر من كافية لمعظم الألعاب والتطبيقات، وقد يلمس اللاعبون المحترفون فائدة من 240 هرتز، لكن ما هو أعلى من ذلك لا يقدم فارقًا جوهريًا إلا في حالات نادرة، وعلى أنظمة ذات مواصفات فائقة.
في سوق مزدحم بالإعلانات والشعارات البراقة، يعتمد قرار الشراء الذكي على فهم المواصفات الحقيقية، وليس الانجرار خلف الأرقام الكبيرة أو المصطلحات الجذابة، فالكثير من "الميزات" التي يتم الترويج لها لا تضيف شيئًا إلى التجربة الفعلية، بل قد تكون موجودة فقط لتبرير سعر أعلى.
لذلك، قبل شراء شاشتك القادمة، لا تكتفِ بالنظر إلى صفحة المنتج، بل اطلع على مراجعات موثوقة، وقارن التجربة الواقعية بالمواصفات المعلنة، فذلك وحده كفيل بتجنيبك الكثير من خيبات الأمل.