مقتل 5 جنود بتفجير انتحاري في شمال شرق نيجيريا
بينما تدخل الحرب في أوكرانيا عامها الرابع، تحولت عملية التجنيد في روسيا إلى صناعة اقتصادية، ففي عام 2025، فرضت آلية موازية، قائمة على المكافآت والحوافز المرتبطة بالأداء، نفسها بدعم من السلطات المحلية.
وفي قلب هذا النظام، منطق بسيط يلخصه شعار منتشر على نطاق واسع: "أحضر صديقك".
اليوم، كل عملية تجنيد يسهلها وسيط يمكن أن تمنحه مكافأة مالية، تُدفع مقابل توجيه متطوع نحو وزارة الدفاع، وفق ما ذكرته مجلة "كورييه إنترناشيونال" الفرنسية.
وعلى منصات تليغرام وفكونتاكتي (الفيسبوك الروسي) وموقع الإعلانات أفيتو، تتكاثر عروض التجنيد، مصحوبة بحجج مختارة بعناية: "لا قتال"، "انتشار في الخطوط الخلفية"، "إلغاء الديون".
وتُقدم هذه الوعود على أنها مجرد فرص مهنية، لكنها تخفي في الواقع تنظيمًا أكثر هيكلة بكثير.
ووفق وسائل إعلام ومنصات روسية مستقلة، من بينها VotTak، الوسيلة الناطقة بالروسية التابعة للقناة البيلاروسية Belsat، فرض التجنيد العسكري نفسه كنشاط مربح بحد ذاته، حيث أصبح ربط الرجال بالجيش عملًا مدفوع الأجر.
"في 21 منطقة على الأقل، تقدم الإدارات المحلية مكافأة، أحيانًا ضخمة، لكل متطوع يُجلب إلى مركز التجنيد"، وفق "كورييه إنترناشيونال".
وفي بيليم، المدينة الصغيرة في جبال الأورال، تدفع البلدية لهؤلاء "صائدي الرؤوس" مبلغ 500 ألف روبل (5500 يورو) لكل مجند، بالإضافة إلى 50 ألف روبل (559 يورو) من الميزانية الإقليمية.
وفي المتوسط، تشير VotTak إلى أن الدولة تدفع 100 ألف روبل (حوالي 1100 يورو) "لكل متعاقد جديد".
وتعتبر هذه المبالغ نعمة لبعض العائلات، خاصة في ظل تضخم وصل إلى 8% في سبتمبر/أيلول الماضي.
وبحسب وسيلة الإعلام المستقلة Verstka، يخضع التجنيد العسكري الآن لمنطق قريب من دائرة اقتصادية منظمة.
وتتنوع الملفات الشخصية للمجندين بشكل كبير: مسؤولو موارد بشرية سابقون في مرحلة إعادة التوجيه المهني، ربات بيوت يتقن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو وسطاء محليون لهم علاقات جيدة.
وبعضهم يطور حتى شبكات غير رسمية منظمة، قادرة على إرسال عشرات المتطوعين يوميًا إلى مراكز التجنيد، بهدف الحصول على أجر مقابل كل عملية تجنيد تُبرم.
وقال تحليل أجرته شبكة "أكسل سبرينغر" للصحفيين العالميين لصالح مجلة "بوليتيكو"، إن هناك أكثر من 80 حكومة إقليمية روسية موضوعة اليوم في حالة تنافس لتزويد الجيش بالقوات.
وتلجأ المناطق إلى وكالات الموارد البشرية، التي تعتمد بدورها على مجندين مستقلين، مهمتهم نشر الإعلانات، اختيار المرشحين ومرافقتهم في إجراءاتهم.
"ما كان في البداية حلًا مؤقتًا في زمن الحرب، تحول إلى صناعة شبه تجارية لصيد الرؤوس"، وفق المجلة الأمريكية.
وبالنسبة للرجال الروس، تميل الحرب إلى أن تُقدم كـوظيفة من بين وظائف أخرى، مع معايير استبعاد تم تخفيفها.
"هذه التدابير تستهدف فئة سكانية محددة: الرجال الضعفاء اجتماعيًا"، على حد تعبير عالمة السياسة إيكاترينا شولمان لمجلة بوليتيكو.
وسمت شولمان صورتهم قائلة: "رجال مديونون، لديهم سجل جنائي، معلوماتهم المالية محدودة، أو محاصرون بقروض صغيرة تعسفية. أشخاص مهمشون، بلا آفاق".
هذا التوجه، الذي دفعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يهدف إلى رفع عدد أفراد القوات المسلحة الروسية إلى 1.5 مليون جندي.
ورغم الخسائر البشرية الهائلة منذ العام 2022، حيث قُتل أو أُصيب بجروح خطيرة أكثر من مليون جندي في أوكرانيا وفق هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، تواصل موسكو تجديد قواتها، مفضلة الآن الروافع المالية على الإكراه المباشر.
فما كان في البداية جهدًا وطنيًا لدعم الجيش، تحول اليوم إلى صناعة تجارية منظمة تديرها قوانين السوق والعرض والطلب.
ولم تعد الدولة الروسية تعتمد فقط على الوطنية أو الإكراه، بل على الحوافز المالية وشبكات الوسطاء لضمان تدفق مستمر من المجندين.
هذا النموذج الجديد، الذي يحول الحرب إلى فرصة اقتصادية، يثير قلقًا متزايدًا في الدول الأوروبية المجاورة، التي تراقب بحذر قدرة روسيا على تعويض خسائرها البشرية الهائلة، دون اللجوء إلى تعبئة عامة، قد تهدد استقرار نظام بوتين.