رأى تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، أن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يواجه "معضلة وجودية" بشأن قرار السعي للحصول على أسلحة نووية، وهو خيار له آثار عميقة على إرثه السياسي والدولة التي حكمها لمدة 35 عامًا.
وبحسب الصحيفة، "تميزت سنوات خامنئي بسلسلة من التحديات الشاقة؛ الإذلال الإقليمي والانتفاضات الداخلية، والتهديد الوشيك بالحرب مع إسرائيل، والقرار المحوري بشأن السعي للحصول على أسلحة نووية".
وأضافت أنه "في المئة يوم الماضية، تكبد خامنئي خسائر فادحة. حيث وجهت إسرائيل ضربات حاسمة ضد ما يسمى بمحور المقاومة الإيراني، بما في ذلك الاغتيالات".
وبالإضافة إلى ذلك، في 16 أكتوبر/تشرين الأول، أرسلت الولايات المتحدة قاذفات شبح من طراز B-2 القادرة على إيصال قنابل خارقة للتحصينات بوزن 30 ألف رطل لتدمير مستودعات الأسلحة المرتبطة بالحوثيين في اليمن، إذ يعد ذلك إشارة واضحة لطهران بأن مواقعها النووية تحت الأرض في متناول اليد.
وأضافت الصحيفة، أن "إيران حتى الآن، حافظت على إستراتيجية الغموض النووي، في محاولة لردع خصومها من خلال البقاء على مسافة قريبة من تطوير سلاح نووي دون العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية الشديدة المرتبطة به".
وعلى الرغم من أن المسؤولين الإيرانيين أكدوا منذ فترة طويلة على أن خامنئي أصدر فتوى تحرّم الأسلحة النووية، إلا أنهم يعترفون الآن علنًا بقدرتهم على بناء مثل هذه الأسلحة إذا اختاروا ذلك، وهو ما يعكس تقييمات المخابرات الأمريكية.
وتشير تقديرات وسائل الإعلام المحلية الإيرانية، إلى أن التكلفة الإجمالية للبرنامج النووي للبلاد، بما في ذلك فقدان عائدات الطاقة والاستثمارات الأجنبية بسبب العقوبات، يُمكن قياسها بمئات المليارات من الدولارات.
ومع ذلك يساهم البرنامج النووي بنسبة 1% فقط من احتياجات إيران من الطاقة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن "الدور الأكثر أهمية الذي خدمه البرنامج النووي الإيراني على مدى العقدين الماضيين، هو تحويل الانتباه بعيدًا عن تطوير الصواريخ والطائرات دون طيار والوكلاء الإقليميين الأقوياء".
وذهبت إلى أنه "يتعين على المرشد الأعلى لإيران أن يأخذ في الاعتبار العواقب الداخلية المترتبة على امتلاك الأسلحة النووية. إذ يعود جزء كبير من قوته إلى سلطته في اتخاذ القرار النهائي بشأن عبور العتبة النووية".
وقالت الصحيفة إنه "بمجرد تجاوز هذه العتبة، يخاطر خامنئي بنقل السلطة إلى الحرس الثوري الإسلامي، الذي يكاد يكون من المؤكد أنه يشرف على الترسانة النووية ورموز الإطلاق".
ورغم أن العديد من الزعماء المستبدين أدركوا جاذبية الأسلحة النووية لتعزيز قوتهم، فإنهم كثيرًا ما يترددون في ملاحقتها، بسبب المخاوف من تمكين جيوشهم وتقويض سيطرتهم.
وخلُصت الصحيفة إلى أن "خامنئي يواجه الآن معضلة من صنع يديه. فبعد أن حكم منذ العام 1989،وهي المرة الأخيرة التي غادر فيها إيران، وجد نفسه عالقًا في معركة عسكرية ومالية ونفسية عالية المخاطر ضد أمريكا وإسرائيل في وقت حيث تتلاشى قدراته العقلية وطاقته بلا شك".
ورأت أن "التردد في الرد على استفزازات الخصوم يخاطر بتقليص سلطة خامنئي بشكل أكبر، لكن الرد القوي قد يعرض بقاءه للخطر".
وبينما يتغلب على هذه التحديات، فإن الضغوط المتزايدة لإجراء مناقشات حول الخلافة في طهران سوف تشتد؛ ما يثير أسئلة حاسمة حول اتجاه إيران واستقرارها في المستقبل، بحسب الصحيفة.
وفي هذا الفصل الأخير من حياته، يجب على خامنئي أن يتعامل ليس فقط مع إرثه، ولكن أيضًا مع المصير الوجودي للنظام الذي قاده لعقود من الزمن.