رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي
دخل اسم القاضية ناتالي غافارينو دائرة الضوء بقوة، بعد أن أصدرت حكمًا تاريخيًا بحق الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، يقضي بسجنه خمس سنوات نافذة مع غرامة مالية قدرها 100 ألف يورو وحرمانه من حقوقه المدنية.
هذا القرار، الذي أُعلن الخميس، شكّل سابقة في تاريخ الجمهورية الخامسة، إذ لم يسبق أن طُبّق حكم بهذه الصرامة على رئيس سابق.
ومنذ ذلك اليوم، بات اسم غافارينو يتردد في الأوساط السياسية والإعلامية كرمز لاستقلال القضاء وصلابته، وفي الوقت نفسه كموضوع جدل محتدم حول الحياد والعدالة، بحسب صحيفة "لونيون" الفرنسية.
وتشغل ناتالي غافارينو منصب رئيسة المحكمة القضائية في باريس، وهو أحد أهم المواقع في الهرم القضائي الفرنسي.
وعلى امتداد أكثر من 21 عامًا، بنت سمعتها على صرامة أحكامها ودقة تعاملها مع الملفات.
وعُرفت بقدرتها على البقاء على مسافة واحدة من جميع الأطراف، بعيدًا عن الانتماءات النقابية أو المواقف العلنية في القضايا السياسية الشائكة.
ولعل اختيارها لترؤس محاكمة ساركوزي لم يكن صدفة، بل جاء تأكيدًا على صورتها كقاضية محايدة وذات كفاءة عالية.
قضايا بارزة
ولم تكن هذه أول مرة تجد غافارينو نفسها في قلب ملفات ذات صدى سياسي كبير، ففي العام 2020، شاركت في محاكمة رئيس الوزراء الأسبق فرانسوا فيون، حيث أظهرت حزْمًا لافتًا عزّز مكانتها كقاضية لا تتهاون مع شبهات الفساد واستغلال النفوذ.
قبل ذلك، شغلت مناصب متعددة، من بينها قاضية لتطبيق العقوبات في مدينة بلفور، ثم قاضية في محكمة باريس، لتتدرج بخطوات ثابتة في مسيرتها.
وعلى الرغم من سمعتها كقاضية محايدة في الملفات المرتبطة بساركوزي، إلا أن اسمها ارتبط في الماضي بموقف جماعي ضد الرئيس الأسبق.
ففي العام 2011، وبعد جريمة قتل الشابة ليتيتيا بيريه على يد مجرم مفرج عنه، وجّه ساركوزي انتقادات حادة للقضاة محمّلًا إياهم جزءًا من المسؤولية.
حينها، كانت غافارينو ممثلة عن الاتحاد النقابي للقضاة (USM)، وقد أيّدت مذكرة احتجاجية للتنديد بتصريحات الرئيس. هذا الموقف عاد إلى الواجهة بعد حكمها الأخير، ليصبح مادة جدل سياسي وإعلامي حول مدى حيادها في محاكمة ساركوزي.
بين الإشادة والجدل
ويرى كثير من زملائها من القضاة والمحامين أن غافارينو "رمز للقوة والاتزان"، إذ توصف بأنها قادرة على التحكم في قاعة المحكمة وحفظ هيبتها دون انفعال.
واعتبرت مجلات وصحف فرنسية مثل "ماريان" و"بلاست"، أن اختيارها لقيادة محاكمة ساركوزي كان ضمانة لقوة الحكم وصموده أمام الطعون، في ظل ما تتمتع به من خبرة وانضباط.
لكن، في المقابل، لم يخل الحكم من الانتقادات، فبعض الأصوات، سواء من اليمين أو من اليسار، اعتبرت العقوبة قاسية، وأشارت إلى احتمال أن يُقرأ الحكم بصفته ذا بعد سياسي أكثر منه قانوني.
من جانبها، لفتت صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية إلى أن الحكم قد يُستغل لإعادة فتح النقاش القديم حول استقلال القضاء في فرنسا وعلاقته بالنخب السياسية.
صورة مزدوجة
وبين من يراها قاضية صارمة وشجاعة تحافظ على استقلال السلطة القضائية، ومن يتهمها بامتلاك مواقف مسبقة ضد ساركوزي، تبقى ناتالي غافارينو شخصية محورية في المشهد القضائي الفرنسي.
ولم يحسم حكمها الأخير الجدل، بل عمّقه، وجعل منها رمزًا للتوازن الدقيق بين الحزم القانوني ومتطلبات الحياد، في وقت تبحث فيه فرنسا عن إعادة الثقة بين مؤسسات الدولة والمواطنين.