أكملت مجموعة حاملة الطائرات "جيرالد ر. فورد"، مؤخرًا، مهمة في القطب الشمالي قرب أرخبيل سفالبارد النرويجي، مسجلةً أبعد نقطة تشغيل لحاملة أمريكية منذ عقود، في رسالة واضحة حول قدرة واشنطن على حماية الأمن وحرية الملاحة في المياه القطبية المتنازع عليها.
وبحسب "آرمي ريكوغنيشن"، فإن انتشار الحاملة الأمريكية الذي جرى، في الفترة بين 23 أغسطس-8 سبتمبر 2025، يعد المرة الأولى التي يتم فيها دمج الحاملة بالكامل تحت قيادة القيادة البحرية لحلف الناتو (MARCOM)، وأجرت عمليات مشتركة مع سفن من النرويج وفرنسا وألمانيا، مدعومة بسفن الدعم اللوجستية، هذه التكاملية تعكس قدرة الحلف على مشروع القوة الموحدة بعيدًا عن قواعد الدعم التقليدية.
من جانبه أكد قائد مجموعة حاملة الطائرات الضاربة الثانية عشرة الأدميرال بول لانزيلوتا، أن "العملية تمثل ذروة التعاون مع النرويج"، فيما شدد القائد النرويجي لارس أولي هوكنز على ضرورة "بقاء بحر النرويج والمناطق المحيطة حرة مهما كان الثمن"، في تهديد مباشر لموسكو من أي محاولة للسيطرة على المنطقة.
ويرى الخبراء أن القطب الشمالي أصبح ساحة صراع اقتصادية وعسكرية؛ إذ إن روسيا عززت مواقعها بصواريخ وغواصات نووية، بينما وسَّعت الصين مصالحها البحرية رغم عدم كونها دولة قطبية، ولذلك فإن انتشار "جيرالد ر. فورد" يؤكد استعداد واشنطن لمواجهة أي تهديد للحلفاء ومنع الهيمنة على المنطقة.
وكشف مراقبون أن الأمر الذي دفع الحاملة إلى شمال القطب، ماهو إلّا إعلانٌ صريح: حرية الملاحة والسيطرة التشغيلية لن تكون محل تفاوض، خاصة أن الغواصات النووية الروسية وصواريخ الدفاع الساحلي تسيطر على المنطقة، فيما يشكل التوسع الصيني في الممرات البحرية تهديدًا طويل المدى.
كما أن الانتشار قرب سفالبارد يكسر القواعد القديمة التي كانت تتجنب العمليات في المياه القطبية البعيدة، ويضع سابقةً استراتيجية للمجموعات المستقبلية، مؤكدًا استعداد الناتو للتشغيل في أصعب الظروف ومواجهة التهديدات الكبرى.
ومن المرجّح أن نشاط مجموعة "جيرالد ر. فورد" في المنطقة القطبية لم يكُن مجرد عرضٍ للقوة، بل تصريحًا بالقدرة التشغيلية والتحكُّم الإستراتيجي، في ظلّ تصاعد المنافسة بين القوى الكبرى، ليصبح القطب الشمالي محورًا أساسيًا للدفاع عن الأطلسي-الأوروبي، ورسالة صريحة لموسكو وبكين بترسيخ نفوذ أمريكا وحلفائها.