كشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية عن أسلوب جديد ومبتكر في تهريب المهاجرين إلى المملكة المتحدة، تتزعمه عصابات ألبانية متخصصة في تهريب البشر، ويعتمد على استغلال العبارات التجارية ومسارات الشحن بين فرنسا وبريطانيا.
وبحسب الصحيفة، لجأت تلك العصابات إلى تغيير استراتيجيتها المعتادة، إذ لم تعد تكتفي بإخفاء المهاجرين داخل الشاحنات قبيل مغادرتها الأراضي الفرنسية، بل طوّرت طريقة جديدة تعتمد على تهريبهم داخل سيارات ركاب تصعد على متن العبارات، ليقوموا لاحقًا، أثناء الرحلة، بالقفز من السيارات إلى شاحنات البضائع الموجودة على سطح العبّارة.
وكانت الطريقة التقليدية تقوم على تسلل المهاجرين إلى الشاحنات في شمال فرنسا، والبقاء مختبئين حتى وصولها إلى الأراضي البريطانية، إلا أن التكتيك الجديد، الذي يُنسب إلى شبكات التهريب الألبانية، وُصف من قبل أحد مهرّبي البشر المُدانين بأنه "سهل ومنخفض المخاطر"، نظرًا لأن المهرب لا يحتاج سوى إخفاء المهاجر داخل صندوق سيارة الركاب مؤقتًا حتى صعودها على العبّارة.
ووفقًا للتفاصيل التي أوردتها الصحيفة، يقوم المهاجر، بمجرد وصول العبارة إلى عرض البحر، بالقفز من السيارة والصعود إلى إحدى الشاحنات عبر تمزيق الغطاء القماشي أو المشمّع الذي يغطيها، وهو ما يجعله مختفيًا حتى وصول الشاحنة إلى وجهتها النهائية.
وفي خطوة تكمّل العملية، يُبلّغ المهرب رقم لوحة الشاحنة إلى شريك موجود في المملكة المتحدة، يتولى تتبعها بعد مغادرتها ميناء دوفر، ومن ثم ينتظر توقفها لأخذ المهاجر وتهريبه إلى الداخل.
ورغم أن السائقين لا يكونون على علم بهذا التهريب، إلا أنهم يتحملون مسؤولية قانونية، حيث يمكن تغريمهم بمبالغ تصل إلى 10,000 جنيه إسترليني في حال عُثر على مهاجرين داخل شاحناتهم.
وتشير الصحيفة إلى أن السيارات والشاحنات تمر عبر نقاط التفتيش التابعة لقوة الحدود البريطانية في كاليه، حيث يُمكن إخضاعها للتفتيش، غير أن الحجم الكبير لحركة المرور يجعل من الصعب عمليًا تفتيش جميع المركبات، بحسب ما صرّح به توني سميث، القائد السابق لقوات الحدود البريطانية.
وبيّن تقرير صادر عن هيئة مراقبة الهجرة والحدود أن نحو 5000 شخص تم ضبطهم أثناء محاولتهم التسلل سرًا إلى المملكة المتحدة خلال العام الماضي، وذلك في نقاط التفتيش بكاليه وكوكيل ودنكيرك. ورجّحت الصحيفة أن آخرين نجحوا في الإفلات من الرقابة والوصول إلى بريطانيا دون اكتشاف أمرهم.
وأوضحت "ديلي ميل" أن وزارة الداخلية البريطانية فرضت، من خلال برنامج العقوبات المدنية المخصص للوافدين غير الشرعيين، 1276 غرامة خلال عامي 2023 و2024، بقيمة إجمالية تقارب 10 ملايين جنيه إسترليني، طالت السائقين الذين ضُبط في مركباتهم مهاجرون مختبئون، سواء في فرنسا أو بعد عبورهم إلى المملكة المتحدة.
ورغم أن تهريب المهاجرين عبر الشاحنات لا يزال يشكل تحديًا، فإن التركيز الأكبر للسلطات يبقى منصبًا على أزمة القوارب الصغيرة، التي يشكل عبورها المتكرر عبئًا متزايدًا على الحكومة البريطانية، ويسبب لها حرجًا سياسيًا متصاعدًا.
وشهد يوم السبت الماضي وحده عبور 1195 شخصًا عبر القوارب الصغيرة، وهو خامس أعلى عدد يُسجّل في يوم واحد، وأول مرة يتجاوز فيها عدد الوافدين حاجز الألف منذ أكثر من عامين ونصف، وفق الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن تعهد رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر، بـ"سحق العصابات" المسؤولة عن تهريب المهاجرين، قوبل بالسخرية من قبل منتقديه، الذين طالبوا باتخاذ إجراءات رادعة على مستوى السياسات تمنع المهاجرين من التفكير بالعبور من الأساس.
