logo
العالم

"السلام بالقوة الناعمة".. تشنغ لي وون التي تولّت زعامة المعارضة في تايوان

تشنغ لي-وون زعيم حزب الكومينتانغ المعارض في تايوانالمصدر: (أ ب)

تسلّمت تشنغ لي-وون قيادة حزب الكومينتانغ (KMT)، الحزب المعارض الأكبر في تايوان، بعد فوزها في الانتخابات الداخلية، لتصبح بذلك أول امرأة تتولى قيادة الحزب في مرحلة توصف بأنها من أكثر الفترات حساسية في تاريخ الجزيرة.

ويأتي توليها المنصب وسط تصاعد التوترات السياسية والعسكرية مع الصين، ما يمنح قيادتها أبعادًا تتجاوز الشأن الحزبي لتلامس مستقبل العلاقات عبر مضيق تايوان، بحسب "ذا إندبندنت".

تبلغ تشنغ نحو 55 عامًا، وقد بدأت مسيرتها السياسية من مقاعد البرلمان قبل أن تتنقل بين الأحزاب الكبرى، إلى أن عادت إلى صفوف الكومينتانغ لتخوض سباق القيادة، مدفوعة بخبرة سياسية طويلة وبصورة معتدلة تميل إلى الحوار مع بكين.

مواقف تشنغ ورؤيتها للسلام الإقليمي

تتبنّى تشنغ سياسة تقوم على تخفيف التوتر مع الصين، مؤكدة أن حزبها سيكون "مبدعًا للسلام الإقليمي" عبر مضيق تايوان، وهو توجه يضعها في موقع مغاير للإدارة الحالية في تايبيه التي ترفع شعار الردع العسكري. 

أخبار ذات علاقة

رئيسة حزب المعارضة تشنغ لي وون

تشنغ لي وون تتولى "رسمياً" قيادة حزب المعارضة في تايوان

وفي المقابل، ترفض تشنغ زيادة الإنفاق الدفاعي، معتبرة أن رفع الميزانية العسكرية "غير مبرر" في ظل الحاجة إلى حلول سياسية.

كما تعتمد خطابًا يعيد إحياء فكرة الهوية الصينية المشتركة، إذ صرّحت بأن "جميع التايوانيين يجب أن يكونوا قادرين على القول: أنا صيني، بفخر وثقة".

ولقى هذا الخطاب ترحيبًا واضحًا في بكين، التي وصفت انتخابها بأنه فرصة لتعزيز التواصل بين الجانبين، في حين أثار داخل تايوان جدلًا بين أنصار الهوية الوطنية المستقلة ومؤيدي الانفتاح على الصين.

يتزامن وصول تشنغ إلى زعامة الكومينتانغ مع انكماش انتخابي يعاني منه الحزب بعد خسارته الرئاسة، رغم احتفاظه بتمثيل نيابي قوي.

وعلى الساحة الإقليمية، تتابع الصين من كثب تحولات القيادة في تايوان، وقد تُفسر فوز تشنغ كنافذة لتوسيع نفوذها السياسي عبر الحوار بدل المواجهة. 

في المقابل، تراقب الولايات المتحدة وشركاؤها الآسيويون الوضع بحذر، مدركين أن أي انفتاح سياسي بين تايبيه وبكين قد يعيد رسم موازين القوى في المنطقة.

التحديات أمام قيادة تشنغ

تواجه تشنغ منذ توليها زعامة الحزب سلسلة تحديات معقدة تبدأ بضعف المشاركة في الانتخابات الداخلية، ما يعكس هشاشة الدعم داخل الكومينتانغ. 

كما تصطدم بصراع داخلي بين الجيل المحافظ المتمسك بالهوية الصينية والتيار الشاب الداعي لهوية تايوانية مستقلة. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس الأمريكي دونالد ترامب

ورقة تايوان.. السلاح الأمريكي "الصامت" في مفاوضات ترامب مع بكين

وتثير سياستها التصالحية مع بكين مخاوف من المساس بسيادة الجزيرة وتزايد النفوذ الصيني؛ أما اختبارها الأبرز فسيكون في انتخابات 2026 المحلية، التي ستحدد موقعها الحقيقي في المشهد السياسي قبل استحقاق 2028 الرئاسي.

وتمثل قيادة تشنغ لي-وُن لحزب الكومينتانغ نقطة تحوّل في السياسة التايوانية، إذ قد تُعيد صياغة أولويات الحزب تجاه الصين وتغيّر ديناميكية الحوار عبر المضيق. فهي تقود حزبًا معارضًا في مرحلة مفصلية تتسم بتزايد التوترات الإقليمية وتنافس القوى الكبرى على النفوذ في بحر الصين الجنوبي.

وبينما ترى تشنغ في الحوار سبيلًا للسلام، يحذر خصومها من أن هذا المسار قد يضعف موقف تايوان في مواجهة بكين. 

ومع ذلك، فإن نهجها المتزن قد يشكّل اختبارًا لمعادلة جديدة في السياسة التايوانية تقوم على "السلام عبر القوة الناعمة" بدل المواجهة الصلبة.

تقف تشنغ لي-وُن اليوم على مفترق طرق تاريخي: بين رؤية تدعو إلى التهدئة وبناء الثقة مع الصين، ومطلب داخلي متزايد للحفاظ على سيادة تايوان وهويتها المستقلة. 

وقد يتوقف مستقبل تايوان السياسي، وموقعها في المعادلة الصينية– الأمريكية، إلى حدّ كبير على القرارات التي ستتخذها هذه القيادة الجديدة في الأشهر المقبلة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC