كشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن وفداً إيرانياً زار روسيا قبل عام، في مهمة سرية طلباً لمادة التريتيوم المشعة التي يقول خبراء إنها تُستخدم لتضخيم القوة التدميرية للرؤوس النووية بشكل كبير.
ويعتبر الخبراء التريتيوم مؤشراً خطيراً لانتشار الأسلحة النووية، نظراً لدوره في تصنيعها. وبكميات كبيرة، يُعدّ عنصراً أساسياً في تصنيع الرؤوس الحربية النووية الحديثة، إذ يُضخّم قوتها التفجيرية بشكل كبير.
والزيارة التي كانت في أغسطس/ آب 2024، والتي شملت أيضاً زيارة لمنشآت بحثية روسية، جاءت خلال فترة رصدت فيها الحكومات الغربية أنشطة علمية إيرانية مشبوهة، بما في ذلك محاولات الحصول على تكنولوجيا نووية من مصادر دولية.
وكشفت صحيفة فاينانشال تايمز أن الفريق المكون من خمسة أعضاء، ضمّ علماء تابعين لمنظمة الابتكار والبحوث الدفاعية الإيرانية (SPND)، وهي أكثر منظمات الأبحاث العسكرية الإيرانية سرية، والتي وصفها مسؤولون أمريكيون بأنها "المنظمة الخليفة المباشرة لبرنامج الأسلحة النووية الإيراني قبل عام 2004".
كما طلب الوفد إضافة إلى التريتيوم، نظائر مشعة أخرى من موردين روس، وهي مواد يعتبرها خبراء الانتشار النووي مشبوهة للغاية عندما تسعى إليها جهات مرتبطة بالدفاع.
وسافر الوفد في رحلة ماهان إير رقم W598 القادمة من طهران في مطار شيريميتيفو الدولي بموسكو، يوم 4 أغسطس 2024، وعلى متنها علي كلوند، وهو فيزيائي نووي إيراني يبلغ من العمر 43 عاماً، إلى جانب أربعة شركاء عرّفهم بأنهم موظفون في شركة دامافاند تك، شركته الاستشارية ومقرها طهران.
وسافر الفريق الإيراني إلى روسيا حاملاً جوازات سفر دبلوماسية، بعضها يحمل أرقاماً تسلسلية وصادرة في تواريخ متطابقة قبل أسابيع قليلة من مغادرتهم. وضم باحثاً نووياً، قال مسؤولون غربيون إنه يعمل في منظمة الابتكار والبحوث الدفاعية الإيرانية، والرئيس التنفيذي السابق لشركة مُعاقبة لعملها كواجهة مشتريات لأنشطة منظمة الابتكار والبحوث الدفاعية الإيرانية، وضابطاً في الاستخبارات العسكرية الإيرانية.
ووفق تقرير "فاينانشال تايمز"، فإن رحلة موسكو جاءت في فترة رصدت فيها الحكومات الغربية أنشطة علمية إيرانية مشبوهة، بما في ذلك محاولات الحصول على تكنولوجيا نووية من مصادر دولية، كما تعتقد أجهزة الاستخبارات الغربية أن إيران أدارت سابقاً برنامجاً سرياً للأسلحة النووية، أنهاه المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي عام 2003.
ورفضت إيران باستمرار الاتهامات بالسعي إلى الأسلحة النووية، مستندة إلى فتوى من خامنئي تحرم استخدامها، فيما وصف خبراء خلفيات المندوبين، وأنواع الشركات الروسية التي التقوا بها، والحيلة المستخدمة أثناء سفرهم بأنها "مثيرة للريبة".
وقال براناي فادي، الذي شغل حتى يناير/كانون الثاني 2025 منصب المدير الأول لمنع الانتشار النووي في مجلس الأمن القومي الأمريكي، "من المقلق أن يتمكن هؤلاء الأشخاص من عقد هذا النوع من الاجتماعات في روسيا، بالنظر إلى الوضع الراهن الذي تعيشه روسيا وإيران".
وأضاف "بغض النظر عمّا إذا كان الروس يتشاركون المكونات أو التكنولوجيا، فإن منظمة SPND هي منظمة ستطبق ذلك تحديدًا على أعمال الأسلحة النووية".
وتُمثل منظمة الابتكار والبحوث الدفاعية الإيرانية (SPND) أحد أكثر العناصر إثارة للجدل في الأنشطة النووية الإيرانية. وهي وحدة بحثية سرية للغاية تخضع لسيطرة وزارة الدفاع الإيرانية، وصفتها السلطات الأمريكية بأنها "المسؤولة بشكل رئيس عن الأبحاث في مجال تطوير الأسلحة النووية". وتأسست المنظمة عام 2011 على يد محسن فخري زاده، المعروف على نطاق واسع بأنه مهندس برنامج الأسلحة النووية الإيراني قبل عام 2003، والمعروف باسم "خطة عماد".