شكّل خبر انكماش الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، صدمة سياسية حادة، وتحذيرًا اقتصاديًا خافتًا.
ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، أكد التقرير الذي يفيد بانكماش الاقتصاد الأمريكي في الربع الأول من العام حجم المخاطر التي يواجهها الرئيس دونالد ترامب في ظل خوضه حربًا تجارية شرسة.
وعلى الرغم من أن الرئيس ترامب تولى منصبه في 20 يناير بعد حملة اقنع فيها الناخبين بأنه قادر على إدارة الاقتصاد بمهارة، وأن سياساته قادرة على تعزيز النمو والقضاء على التضخم، إلا أن الولايات المتحدة شهدت أسوأ أداء لـ "وول ستريت" في بداية فترة رئاسية جديدة منذ أن حاول جيرالد فورد إخراج البلاد من الفضائح والتضخم قبل 51 عامًا.
وأضافت الصحيفة أن "حالة عدم اليقين السائدة تزداد بين الشركات والمستهلكين بشأن ما قد يحمله بقية العام، في ظلّ خوض ترامب حربًا تجارية تُخنق بالفعل سلاسل التوريد، وتُهدد برفع الأسعار، وتؤدي إلى نقص في المكونات والمنتجات الأساسية على الرفوف".
وفي حين لا يزال ترامب يصر على أنه سيتمكن من التوصل إلى سلسلة من الصفقات التجارية التي من شأنها إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة وتدشين عصر جديد من الرخاء، وأنه من السابق لأوانه التنبؤ بالاتجاه الذي يتجه إليه الاقتصاد الأميركي خلال بقية العام، إلا أن أرقام الربع الأول سلّطت الضوء على المخاطر السياسية التي تواجه الرئيس الأمريكي.
ووفق الصحيفة، فإذا "ثبت أن التقرير ينذر بتباطؤ أو ركود اقتصادي ممتد، فقد يصبح الوضع الاقتصادي مماثلاً لانسحاب الرئيس السابق جو بايدن المتعثر من أفغانستان قبل 4 سنوات؛ حيث لم تتعافَ نسب تأييد بايدن للأداء الوظيفي من تلك الكارثة المبكرة".
وكما لم يُعِد أيٌّ مما فعله ترامب لاحقًا، لا ملايين الوظائف التي أُنشئت، ولا الانتصارات التشريعية الكبيرة، ولا الاستجابة السريعة للغزو الروسي لأوكرانيا، الشعور لدى الناخبين بأنه جدير بالثقة لأداء المهمة بالمهارة التي افترضوا أنه يمتلكها.
وتابعت الصحيفة أن "الألم الاقتصادي الناجم عن الرسوم الجمركية قد يبدأ في غضون أشهر، مع ضغوط تصاعدية على الأسعار ونقص في المنتجات الصناعية والاستهلاكية المصنعة في الخارج".
وأشارت إلى "أن جزءا كبيرا من مشكلة ترامب السياسية يكمن في هذا التناقض؛ فبالنسبة للعديد من المنتجات التي سيدفع الأمريكيون ثمنها أكثر، وخاصةً المنتجات الصينية الصنع، لا يوجد بديل أمريكي؛ وبالنسبة للعديد منها، قد لا يكون إنتاجها في الولايات المتحدة منطقيًا".
ورغم التقليل من شأن المخاوف الاقتصادية، "من الواضح أن الرئيس حساس لاحتمال تحميله مسؤولية ارتفاع الأسعار؛ إذا اتصل ترامب مع مؤسس شركة أمازون جيف بيزوس، عندما بدأت التقارير تنتشر هذا الأسبوع بأن شركة تابعة لأمازون تفكر في نشر الرسوم الجمركية التي سيدفعها العملاء على كل منتج، للوقوف على الأمر.
وأردفت الصحيفة بأنه حتى لو حقق ترامب بعض المكاسب المبكرة من خلال اتفاقيات، تلوح في الأفق، مع الهند وكوريا الجنوبية واليابان ومن الممكن كندا التي تُشكّل التجارة الثنائية حوالي خُمس اقتصاد البلاد، لكن يبقى اللاعب الأقوى في حروب ترامب التجارية؛ هي الصين.
والتزم الرئيس الصيني الصمت إلى حد كبير منذ أن أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية متصاعدة على السلع الصينية، حيث استقرت عند 145% بعد عدة تحركات غاضبة وردود فعل مضادة من بكين.
وفي حين إن هذا المعدل مرتفع للغاية لدرجة أنه يُجمّد التجارة عمليًا؛ هناك بالفعل تقارير عن إعادة سفن شحن محملة بالبضائع إلى وجهتها الأصلية، حتى لا يضطر المستوردون إلى دفع تلك الرسوم.
ويراهن الرئيس ترامب على أن نظيره الصيني سيتراجع أولًا، لأن الألم الذي سيلحق بالاقتصاد الصيني سيكون كبيرًا لدرجة أنه سيضطر للتوصل إلى تسوية تسمح للولايات المتحدة، بمرور الوقت، بالعودة إلى وضع شبه طبيعي.
وفي المقابل، يراهن الزعيم الصيني على عكس ذلك؛ أي أن ترامب قد تجاوز حدوده، ولا يمكنه تحمل أرقام الناتج المحلي الإجمالي السيئة، أو ارتفاع التضخم، أو تراجع استطلاعات الرأي.